وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد ذكر في هذه الآية شرع الاستئذان لأتباع العائلة ومن هو شديد الاختلاط إذا أراد دخول بيت فهو من متممات ما ذكر في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ) وهو بمفهوم الزمان يقتضي تخصيص عموم قوله ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم ) الآيات لأن ذلك عام في الأعيان والأوقات فكان قوله ( الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم ) إلى قوله ( ومن بعد صلاة العشاء ) تشريعا لاستئذانهم في هذه الأوقات وهو يقتضي عدم استئذانهم في غير تلك الأوقات الثلاثة فصار المفهوم مخصصا لعموم النهي في قوله ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ) . وأيضا هذا الأمر مخصص بعموم ( ما ملكت أيمانهن ) وعموم ( الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) من قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن ) الخ المتقدم آنفا .
وقد روى أن أسماء بنت مرثد دخل عليها عبد لها كبير في وقت كرهت دخوله فيه فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إنما خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالة نكرهها . فنزلت الآية ( يعني أنها اشتكت إباحة ذلك لهم ) . ولو صحت هذه الرواية لكانت هذه الآية نسخا لعموم ( أو ما ملكت أيمانهن ) وعموم ( أو الطفل ) لأنها تقتضي أنه وقع العمل بذلك العموم ثم خصص بهذه الآية . والتخصيص إذا ورد بعد العمل بعموم العام صار نسخا .
والأمر في قوله ( ليستأذنكم ) للوجوب عند الجمهور . وقال أبو قلابة : هو ندب .
فأما المماليك فلأن في عرف الناس أن لا يتحرجوا من اطلاع المماليك عليهم إذ هم خول وتبع . وقد تقدم ذلك آنفا عند قوله تعالى ( أو ما ملكت أيمانهن ) . وأما الأطفال فلأنهم لا عناية لهم بتطلع أحوال الناس . وتقدم آنفا عند قوله ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) .
كانت هذه الأوقات أوقاتا يتجرد فيها أهل البيت من ثيابهم كما آذن به قوله تعالى ( وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ) فكان من القبيح أن يرى مماليكهم وأطفالهم عوراتهم لأن ذلك منظر يخجل منه المملوك وينطبع في نفس الطفل لأنه لم يعتد رؤيته ولأنه يجب ان ينشأ الأطفال على ستر العورة حتى يكون ذلك كالسجية فيهم إذا كبروا .
ووجه الخطاب إلى المؤمنين وجعلت صيغة الأمر موجهة إلى المماليك والصبيان على معنى : لتأمروا الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم أن يستأذنوا عليكم لأن على أرباب البيوت تأديب أتباعهم فلا يشكل توجيه الأمر إلى الذين لم يبلغوا الحلم .
وقوله ( الذين ملكت أيمانكم ) يشمل الذكور والإناث لمالكيهم الذكور والإناث .
وأما مسألة النظر وتفصيلها في الكبير والصغير والذكر والأنثى فهي من علائق ستر العورة المفصلة في كتب الفقه . وقد تقدم شيء من ذلك عند قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) إلى قوله ( على عورات النساء ) فلا ينبغي التصدي بإيراد صورها في هذه الآية .
وتعيين الاستيذان في هذه الأوقات الثلاثة لأنها أوقات خلوة الرجال والنساء وأوقات التعري من الثياب وهي أوقات نوم وكانوا غالبا ينامون مجردين من الثياب اجتراء بالغطاء وقد سماها الله تعالى ( عورات ) .
وما بعد صلاة العشاء هو الليل كله إلى حين الهبوب من النوم قبل الفجر . وانتصب ( ثلاث مرات ) على أنه مفعول مطلق ( ليستأذنكم ) لأن مرات في قوة استئذانات .
وقوله ( من قبل صلاة الفجر ) ظرف مستقر في محل نصب على البدل من ( ثلاث مرات ) بدل مفصل من مجمل . وحرف ( من ) مزيد للتأكيد .
وعطف عليه ( وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ) والظهيرة : وقت الظهر وهو انتصاف النهار .
وقوله ( ثلاث عورات ) قرأ الجمهور مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ثلاث عورات أي أوقات ثلاث عورات . وحذف المسند إليه هنا مما اتبع فيه الاستعمال في كل إخبار عن شيء تقدم الحديث عنه .
و ( لكم ) متعلق ب ( عورات ) . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بالنصب على البدل من ( ثلاث مرات ) .
والعورة في الأصل : الخلل والنقص . وفيه قيل لمن فقدت عينه أعور وعورت عينه ومنه عورة الحي وهي الجهة غير الحصينة منه بحيث يمكن الدخول منها كالثغر قال لبيد : وأجن عورات الثغور ظلامها وقال تعالى ( يقولون إن بيوتنا عورة ) . ثم أطلقت على ما يكره انكشافه كما هنا وكما سمي ما لا يحب الإنسان كشفه من جسده عورة . وفي قوله ( ثلاث عورات لكم ) نص على علة إيجاب الاستئذان فيها