وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتمكين الدين : انتشاره في القبائل والأمم وكثرة متبعيه . استعير التمكين الذي حقيقته التثبيت والترسيخ لمعنى الشيوع والانتشار لأنه إذا انتشر لم يخش عليه الانعدام فكان كالشيء المثبت المرسخ وإذا كان متبعوه في قلة كان كالشيء المضطرب المتزلزل . وهذا الوعد هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها حديث الحديبية إذ جاء فيه قوله " وإن هم أبوا " أي إلا القتال " فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي " أي ينفصل مقدم العنق عن الجسد " ولينفذن الله أمره " .
وقوله ( لهم ) مقتضى الظاهر فيه أن يكون بعد قوله ( دينهم ) لأن المجرور بالحرف أضعف تعلقا من مفعول الفعل فقدم ( لهم ) عليه للإيماء إلى العناية بهم أي بكون التمكين لأجلهم كتقديم المجرور على المفعولين في قوله ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ) .
وإضافة الدين إلى ضميرهم لتشريفهم به لأنه دين الله كما دل عليه قوله عقبه ( الذي ارتضى لهم ) أي الذي اختاره ليكون دينهم فيقتضي ذلك أنه اختارهم أيضا ليكونوا أتباع هذا الدين . وفيه إشارة إلى أن الموصوفين بهذه الصلة هم الذين ينشرون هذا الدين في الأمم لأنه دينهم فيكون تمكنه في الناس بواسطتهم .
وإنما قال ( وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) ولم يقل : وليؤمننهم كما قال في سابقيه لأنهم ما كانوا يطمحون يومئذ إلى الأمن كما ورد في حديث أبي العالية المتقدم آنفا فكانوا في حالة هي ضد الأمن ولو أعطوا الأمن دون أن يكونوا في حالة خوف لكان الأمن منة واحدة . وإضافة الخوف إلى ضميرهم للإشارة إلى أنه خوف معروف مقرر .
وتنكير ( أمنا ) للتعظيم بقرينة كونه مبدلا من بعد خوفهم المعروف بالشدة . والمقصود : الأمن من أعدائهم المشركين والمنافقين . وفيه بشارة بأن الله مزيل الشرك والنفاق من الأمة . وليس هذا الوعد بمقتضى أن لا تحدث حوادث خوف في الأمة في بعض الأقطار كالخوف الذي اعترى أهل المدينة من ثورة أهل مصر الذين قادهم الضال مالك الأشتر النخعي ومثل الخوف الذي حدث في المدينة يوم الحرة وغير ذلك من الحوادث وإنما كانت تلك مسببات عن أسباب بشرية وإلى الله إيابهم وعلى الله حسابهم .
وقرأ الجمهور ( وليبدلنهم ) بفتح الموحدة وتشديد الدال . وقرأه ابن كثير وأبو بكر عن عاصم ويعقوب بسكون الموحدة وتخفيف الدال والمعنى واحد .
وجملة ( يعبدونني ) حال من ضمائر الغيبة المتقدمة أي هذا الوعد جرى في حال عبادتهم إياي . وفي هذه الحال إيذان بأن ذلك الوعد جزاء لهم أي وعدتهم هذا الوعد الشامل لهم والباقي في خلفهم لأنهم يعبدونني عبادة خالصة عن الإشراك .
وعبر بالمضارع لإفادة استمرارهم على ذلك تعريضا بالمنافقين إذ كانوا يؤمنون ثم ينقلبون .
وجملة ( لا يشركون بي شيئا ) حال من ضمير الرفع في ( يعبدونني ) تقييدا للعبادة بهذه الحالة لأن المشركين قد يعبدون الله ولكنهم يشركون معه غيره . وفي هاتين الجملتين ما يؤيد ما قدمناه آنفا من كون الإيمان هو الشريطة في كفالة الله للأمة هذا الوعد .
وجملة ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) تحذير بعد البشارة على عادة القرآن في تعقيب البشارة بالنذارة والعكس دفعا للاتكال .
والإشارة في قوله ( بعد ذلك ) إلى الإيمان المعبر عنه هنا ب ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) والمعبر عنه في أول الآيات بقوله ( وعد الله الذين آمنوا ) أي ومن كفر بعد الإيمان وما حصل له من البشارة عليه فهم الفاسقون عن الحق .
وصيغة الحسر المأخوذة من تعريف المسند بلام الجنس مستعملة مبالغة للدلالة على أنه الفسق الكامل .
A E ووصف الفاسقين له رشيق الموقع لأن مادة الفسق تدل على الخروج من المكان من منفذ ضيق .
( وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون [ 56 ] ) عطف على جملة ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) لما فيها من معنى الأمر بترك الشرك فكأنه قيل : اعبدوني ولا تشركوا وأقيموا الصلاة لأن الخبر إذا كان يتضمن معنى الأمر كان في قوة فعل الأمر حتى أنه قد يجزم جوابه كما في قوله تعالى ( تؤمنون بالله ورسوله ) إلى قوله ( يغفر لكم ذنوبكم ) بجزم ( يغفر ) لأن قوله ( تؤمنون ) في قوة أن يقول : آمنوا بالله