وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبهذين الوجهين تكون الآية مفيدة معنيين : معنى من تعلق خطاب الله تعالى بهم وهو تعريض بتهديد ووعيد ومعنى من موعظة النبي صلى الله عليه وسلم إياهم وموادعة بهم . وهذا كله تبكيت لهم ليعلموا أنهم لايضرون لتوليهم إلا أنفسهم . ونظيره قوله في سور آل عمران ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) " هم اليهود " ( يدعون إلى كتاب الله ) إلى قوله ( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) .
واعلم أن هذين الاعتبارين لا يتأتيان في المواضع التي يقع فيها الفعل المضارع المفتتح بتاءين في سياق النهي نحو قوله تعالى ( ولا تتبدل الخبيث بالطيب ) وقوله ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) وقوله ( ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ) في سورة الأنفال وأما قوله تعالى في سورة القتال ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) فثبتت فيه التاءان لأن الكلام فيه موجه إلى المؤمنين فلم يكن فيه ما يقتضي نسج نظمه بما يصلح لإفادة المعنيين المذكورين في سورة النور وفي سور آل عمران .
والبلاغ : اسم مصدر بمعنى التبليغ كالأداء بمعنى التأدية . ومعنى كونه مبينا أنه فصيح واضح .
وجملة ( وإن تطيعوه تهتدوا ) إرداف الترهيب الذي تضمنه قوله ( وعليكم ماحملتم ) بالترغيب في الطاعة استقصاء في الدعوة إلى الرشد .
وجملة ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) بيان لإبهام قوله ( ما حمل ) .
( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحت ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [ 55 ] ) والأشبه أن هذا الكلام استئناف ابتدائي انتقل إليه بمناسبة التعرض إلى أحوال المنافقين الذين أبقاهم على النفاق ترددهم في عاقبة أمر المسلمين وخشيتهم أن لا يستقر بمسلمين المقام بالمدينة حتى يغزوهم المشركون أو يخرجهم المنافقون حين يجدون الفرصة لذلك كما حكى الله تعالى من قول عبد الله بن أبي ( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) فكانوا يظهرون الإسلام اتقاء من تمام أمر الإسلام ويبطنون الكفر ممالاة لأهل الشرك حتى إذا ظهروا على المسلمين لم يلمزوا المنافقين بأنهم قد بدلوا دينهم مع ما لهذا الكلام من المناسبة مع قوله ( وإن تطيعوه تهتدوا ) . فيكون المعنى : وإن تطيعوه تهتدوا وتنصروا وتأمنوا . ومع ما روي من حوادث تخوف المسلمين ضعفهم أمام أعدائهم فكانوا مشفقين من غزو أهل الشرك ومن كيد المنافقين ودلالتهم المشركين على عورات المسلمين فقيل كانت تلك الحوادث سببا لنزول هذه الآية .
A E قال أبو العالية : مكث رسول الله بمكة عشر سنين بعد ما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه ثم أمر بالهجرة إلى المدينة وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السلاح فقال رجل : يا رسول الله أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال رسول الله : " لا تغبرون أي لا تمكثون إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملإ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة " . ونزلت هذه الآية .
فكان اجتماع هذه المناسبات سببا لنزول هذه الآية في موقعها هذا بما اشتملت عليه من الموعود به الذي لم يكن مقتصرا على إبدال خوفهم أمنا كما اقتضاه أثر أبي العالية ولكنه كان من جملة الموعود كما كان سببه من عداد الأسباب .
وقد كان المسلمون واثقين بالأمن ولكن الله قدم على وعدهم بالأمن أن وعدهم بالاستخلاف في الأرض وتمكين الدين والشريعة فيهم تنبيها لهم بأن سنة الله أنه لا تأمن أمة بأس غيرها حتى تكون قوية مكينة مهيمنة على أصقاعها . ففي الوعد بالاستخلاف والمكين وتبديل الخوف أمنا إيماء إلى التهيؤ لتحصيل أسبابه مع ضمان التوفيق لهم والنجاح إن هم أخذوا في ذلك وأن ملاك ذلك هو طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم ( فأن تطيعوه تهتدوا ) وإذا حل الاهتداء في النفوس نشأت الصالحات فأقبلت مسبباتها تنهال على الأمة فالأسباب هي الإيمان وعمل الصالحات