وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذه الكلمات ذات المعاني الكثيرة وهي ( لا تقسموا طاعة معروفة ) . وذلك كلام موجه لأن نهيهم عن أن يقسموا بعد أن صدر القسم يحتمل أن يكون نهيا عن إعادته لأنهم كانوا بصدد إعادته بمعنى : لا حاجة بكم إلى تأكيد القسم أي فإن التأكيد بمنزلة المؤكد في كونه كذبا .
ويحتمل أن يكون النهي مستعملا في معنى عدم المطالبة بالقسم أي ما كان لكم أن تقسموا إذ لا حاجة إلى القسم لعدم الشك في أمركم .
ويحتمل أن يكون النهي مستعملا في التسوية مثل ( اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ) .
ويحتمل أن يكون النهي مستعملا في حقيقته والمقسم عليه محذوف أي لا تقسموا على الخروج من دياركم وأموالكم فإن الله لا يكلفكم بذلك . ومقام مواجهة نفاقهم أن تكون هذه الاحتمالات مقصودة .
وقوله ( طاعة معروفة ) كلام أرسل مثلا وتحته معان جمة تختلف باختلاف الاحتمالات المتقدمة في قوله ( لا تقسموا ) .
وتنكير ( طاعة ) لأن المقصود به نوع الطاعة وليست طاعة معينة فهو من باب : تمرة خير من جرادة و ( معروفة ) خبره .
فعلى احتمال أن يكون النهي عن القسم مستعملا في النهي عن تكريره يكون المعنى من قبيل التهكم أي لا حرمة للقسم فلا تعيدوه فطاعتكم معروفة أي معروف وهنها وانتفاؤها .
وعلى احتمال استعمال النهي في عدم المطالبة باليمين يكون المعنى : لماذا تقسمون أفأنا أشك في حالكم فإن طاعتكم معروفة عندي أي أعرف عدم وقوعها والكلام تهكم أيضا .
وعلى احتمال استعمال النهي في التسوية فالمعنى : قسمكم ونفيه سواء لأن أيمانكم فاجرة وطاعتكم معروفة .
أو يكون ( طاعة ) مبتدأ محذوف الخبر أي طاعة معروفة أولى من الأيمان ويكون وصف ( معروفة ) مشتقا من المعرفة بمعنى العلم أي طاعة تعلم وتتحقق أولى من الأيمان على طاعة غير واقعة وهو كالعرفان في قولهم : لا أعرفنك تفعل كذا .
وإن كان النهي مستعملا في حقيقته فالمعنى : لا تقسموا هذا القسم أي على الخروج من دياركم وأموالكم لأن الله لا يكلفكم الطاعة إلا في معروف فيكون وصف ( معروفة ) مشتقا من العرفان أي عدم النكران كقوله تعالى ( ولا يعصينك في معروف ) .
وجملة ( إن الله خبير بما تعملون ) صالحة لتذييل الاحتمالات المتقدمة وهي تعليل لما قبلها .
( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين [ 54 ] ) A E تلقين آخر للرسول E بما يرد بهتانهم بقلة الاكتراث بمواعيدهم الكاذبة وأن يقتصروا من الطاعة على طاعة الله ورسوله فيما كلفهم دون ما تبرعوا به كذبا ويختلف معنى ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) بين معاني الأمر بإيجاد الطاعة المفقودة أو إيهام طلب الدوام على الطاعة على حسب زعمهم .
وأعيد الأمر بالقول للاهتمام بهذا القول فيقع كلاما مستقلا غير معطوف .
وقوله ( فإن تولوا ) يجوز أن يكون تفريعا على فعل ( أطيعوا ) فيكون فعل ( تولوا ) من جملة ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم ويكون فعلا مضارعا بتاء الخطاب . وأصله : تتولوا بتاءين حذفت منهما تاء الخطاب للتخفيف وهو حذف كثير في الاستعمال . والكلام تبليغ عن الله تعالى إليهم فيكون ضميرا ( فعليه ما حمل ) عائدين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
ويجوز أن يكون تفريعا على فعل ( قل ) أي فإذا قلت ذلك فتولوا ولم يطيعوا الخ فيكون فعل ( تولوا ) ماضيا بتاء واحدة مواجها به النبي صلى الله عليه وسلم أي فأن تولوا ولم يطيعوا فإنما عليك ما حملت من التبليغ وعليهم ما حملوا من تبعة التكليف . كمعنى قوله تعالى ( فإن تولوا فأنما عليك البلاغ المبين ) في سورة النحل فيكون في ضمائر ( فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم ) التفات . وأصل الكلام : فإنما عليك ما حملت وعليهم ما حملوا . والالتفات محسن لا يحتاج إلى نكتة