وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( إن الله على كل شيء قدير ) تعليل وتذييل . ووقع فيه إظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار ليكون كاملا مستقلا بذاته لأن شأن التذييل أن يكون كالمثل .
( لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ 46 ] ) تذييل للدلائل والعبر السالفة وهو نتيجة الاستدلال ولذلك ختم بقوله ( والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) أي إن لم يهتد بتلك الآيات أهل الضلالة فذلك لأن الله لم يهدهم لأنه يهدي من يشاء . والمراد بالآيات هنا آيات القرآن كما يقتضيه فعل ( أنزلنا ) ولذلك لم تعطف هذه الجملة على ما قبلها بعكس قوله السابق ( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ) .
ولما كان المقصود من هذا إقامة الحجة دون الامتنان لم يقيد إنزال الآيات بأنه إلى المسلمين كما قيد في قوله تعالى قبله ( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ) كما تقدم .
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ( مبينات ) بفتح الياء على صيغة اسم المفعول أي بينها الله ووضحها ببلاغتها وقوة حجتها . وقرأ الباقون بكسر الياء على صيغة اسم الفاعل فإسناد التبيين إلى الآيات على هذه القراءة مجاز عقلي لأنها سبب البيان .
والمعنى أن دلائل الحق ظاهرة ولكن الله يقدر الهداية إلى الحق لمن يشاء هدايته .
( ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين [ 47 ] وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحك بينهم إذا فريق منهم معرضون [ 48 ] وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين [ 49 ] أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون [ 50 ] ) A E عطف جملة ( ويقولون ) على جملة ( والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) لما تتضمنه جملة ( يهدي من يشاء ) من هداية بعض الناس وحرمان بعضهم من الهداية كما هو مقتضى ( من يشاء ) . وهذا تخلص إلى ذكر بعض ممن لم يشأ الله هدايتهم وهم الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام وهم أهل النفاق . فبعد أن ذكرت دلائل انفراد الله تعالى بالإلهية وذكر الكفار الصرحاء الذين لم يهتدوا بها في قوله ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة ) الآيات تهيأ المقام لذكر صنف آخر من الكافرين الذين لم يهتدوا بآيات الله وأظهروا أنهم اهتدوا بها .
وضمير الجمع عائد إلى معروفين عند السامعين وهم المنافقون لأن ما ذكر بعده هو من أحوالهم وعود الضمير إلى شيء غير مذكور كثير في القرآن على انهم قد تقدم ما يشير إليهم بطريق التعريض في قوله ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة ) .
وقد أشارت الآية إلى المنافقين عامة ثم إلى فريق منهم أظهروا عدم الرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فكلا الفريقين موسوم بالنفاق ولكن أهما استمر على النفاق والمواربة وفريقا لم يلبثوا أن أظهروا الرجوع إلى الكفر بمعصية الرسول علنا .
ففي قوله ( ويقولون ) إيماء إلى أن حظهم من الإيمان مجرد القول دون الاعتقاد كما قال تعالى ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) .
وعبر بالمضارع لإفادة تجدد ذلك منهم واستمرارهم عليه لما فيه من تكرر الكذب ونحوه من خصال النفاق التي بينتها في سورة البقرة . ومفعول ( أطعنا ) محذوف دل عليه ما قبله أي أطعنا الله والرسول .
والإشارة في قوله ( وما أولئك ) إلى ضمير ( يقولون ) أي يقولون آمنا وهم كاذبون في قولهم . وإنما يظهر كفرهم عندما تحل بهم النوازل والخصومات فلا يطمئنون بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يصح جعله إشارة إلى ( فريق ) من قوله ( إذا فريق منهم معرضون ) لأن إعراضهم كاف في الدلالة على عدم الإيمان .
فالضمير في قوله ( وإذا دعوا ) عائد إلى معاد ضمير ( يقولون ) . وإسناد فعل ( دعوا ) إلى جميعهم وإن كان المعرضون فريقا منهم لا جميعهم للإشارة إلى أنهم سواء في التهيؤ إلى الإعراض ولكنهم لا يظهرونه إلا عندما تحل بهم النوازل فالمعرضون هم الذين حلت بهم الخصومات