وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

التقليب تغيير هيئة إلى ضدها . ومنه ( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها ) أي يدير كفيه من ظاهر إلى باطن فتقليب الليل والنهار تغيير الأفق من حالة الليل إلى حالة الضياء ومن حالة النهار إلى حالة الظلام فالمقلب هو الجو بما يختلف عليه من الأعراض ولكن لما كانت حالة ظلمة الجو تسمى ليلا وحالة نوره تسمى نهارا عبر عن الجو في حالتيه بهما وعدي التقليب إليهما بهذا الاعتبار .
ومما يدخل في معنى التقليب تغيير هيئة الليل والنهار بالطول والقصر . ولرعي تكرر التقلب بمعنييه عبر بالمضارع المقتضي للتكرر والتجدد .
والكلام استئناف . وجيء به مستأنفا غير معطوف على آيات الاعتبار المذكور قبله لأنه أريد الانتقال من الاستدلال بما قد يخفى على بعض الأبصار إلى الاستدلال بما يشاهده كل ذي بصر كل يوم وكل شهر فهو لا يكاد يخفى على ذي بصر . وهذا تدرج في موقع هذه الجملة عقب جملة ( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) كما أشرنا إليه آنفا . ولذلك فالمقصود من الكلام هو جملة ( إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) ولكن بني نظم الكلام على تقديم الجملة الفعلية لما تقتضيه من إفادة التجدد بخلاف أن يقال : إن في تقليب الليل والنهار لعبرة .
والإشارة الواقعة في قوله ( إن في ذلك ) إلى ما تضمنه فعل ( يقلب ) من المصدر . أي إن في التقليب . ويرجح هذا القصد ذكر العبرة بلفظ المفرد المنكر .
والتأكيد ب ( إن ) إما لمجرد الاهتمام بالخبر وإما لتنزيل المشركين في تركهم الاعتبار بذلك منزلة من ينكر أن في ذلك عبرة .
وقيل : الإشارة بقوله ( إن في ذلك ) إلى جميع ما ذكر آنفا ابتداء من قوله ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ) فيكون الإفراد في قوله ( لعبرة ) ناظرا إلى أن مجموع ذلك يفيد جنس العبرة الجامعة لليقين بأن الله هو المتصرف في الكون .
ولم ترد العبرة في القرآن معرفة بلام الجنس ولا مذكورة بلفظ الجمع .
( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير [ 45 ] ) A E لما كان الاعتبار بتساوي أجناس الحيوان في أصل التكوين من ماء التناسل مع الاختلاف في أول أحوال تلك الأجناس في آثار الخلقة وهو حال المشي إنما هو باستمرار ذلك النظام بدون تخلف وكان ذلك محققا كان إفراغ هذا المعنى بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي مفيدا لأمرين : التحقق بالتقديم على الخبر الفعلي والتجدد يكون الخبر فعليا .
وإظهار اسم الجلالة دون الإضمار للتنويه بهذا الخلق العجيب .
واختير فعل المضي للدلالة على تقرير التقوي بأن هذا شأن متقرر منذ القدم مع عدم فوات الدلالة على التكرير حيث عقب الكلام بقوله ( يخلق الله ما يشاء ) .
وقرأ الجمهور ( والله خلق كل دابة ) بصيغة فعل المضي ونصب ( كل ) . وقرأه الكسائي ( والله خالق كل دابة ) بصيغة اسم الفاعل وجر ( كل ) بإضافة اسم الفاعل إلى مفعوله .
والدابة : ما دب على وجه الأرض أي مشى . وغلب هنا الإنسان فأتي بضمير العقلاء مرادا به الإنسان وغيره مرتين .
وتنكير ( ماء ) لإرادة النوعية تنبيها على اختلاف صفات الماء لكل نوع من الدواب إذ المقصود تنبيه الناس إلى اختلاف النطف للزيادة في الاعتبار .
وهذا بخلاف قوله ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) إذ قصد ثمة إلى أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من جنس الماء وهو جنس واحد اختلفت أنواعه فتعريف الجنس هناك إشارة إلى ما يعرفه الناس إجمالا ويعهدونه من أن الحيوان كله مخلوق من نطف أصوله . وهذا مناط الفرق بين التنكير كما هنا وبين تعريف الجنس كما في آية ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) .
و ( من ) ابتدائية متعلقة ب ( خلق ) .
ورتب ذكر الأجناس في حال المشي على ترتيب قوة دلالتها على عظم القدرة لأن الماشي بلا آلة مشي متمكنة أعجب من الماشي على رجلين وهذا المشي زحفا . أطلق المشي على الزحف بالبطن للمشاكلة مع بقية الأنواع . وليس في الآية ما يقتضي حصر المشي في هذه الأحوال الثلاثة لأن المقصود الاعتبار بالغالب المشاهد .
وجملة ( يخلق الله ما يشاء ) زيادة في العبرة أي يتجدد خلق الله ما يشاء أن يخلقه مما علمتم وما لم تعلموا فهي جملة مستأنفة