وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإطلاق الجبال في تشبيه الكثرة معروف يقال : فلان جبل علم وطود علم . وفي حديث البخاري من طريق أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كان لي مثل أحد ذهبا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين " أي ما كان يسرني فالكلام بمعنى النفي أي لما سرني أو لما كان سرني الخ . .
وحرف ( من ) الأول للابتداء و ( من ) الثاني كذلك و ( من ) في قوله ( من برد ) مزيدة في الإثبات على رأي الذين جوزوا زيادة ( من ) في الإثبات . أو تكون ( من ) اسما بمعنى بعض .
ومفعول ( ينزل ) محذوف يدل عليه قوله ( فيها من برد ) . والتقدير : ينزل بردا .
ووقوع ( من ) زائدة لقصد مشاكلة قوله ( من جبال ) .
وقوله ( فيصيب به من يشاء ) جعل نزول البرد إصابة لأن الإصابة إذا أطلقت في كلامهم دلت على إنها حلول مكروه . ومن ذلك سميت المصيبة الحادثة المكروهة . وأما قوله تعالى ( إن تصبك حسنة تسؤهم ) فلأن قوله ( حسنة ) قرينة على إطلاق الإصابة على مطلق الحدوث إما مجازا مرسلا وإما مشتركا لفظيا أو مشتركا معنويا فإن ( أصاب ) مشتق من الصوب وهو النزول ومنه صوب المطر فجعل نزول البرد إصابة لأنه يفسد الزرع والثمرة فضمير ( به ) للبرد .
وجملة ( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) وصف ل ( سحابا ) . وضمير ( برقه ) عائد إلى ( سحابا ) . وفائدة هذه الصفة تنبيه العقول إلى التدبر في هذه التغيرات إذ كان شعور الناس بحدوث البرق أوضح وأكثر من شعورهم بتكون السحاب وتراكمه ونزول المطر والبرد إذ قد يغفل الناس عن ذلك لكثرة حدوثه وتعودهم به بخلاف اشتداد البرق فإنه لا يخلو أحد من أن يكون قد عرض له مرات فإن أصحاب الأبصار التي حركها خفق البرق يتذكرون تلك الحالة العجيبة الدالة على القدرة . ولهذه النكتة خصصت هذه الحالة من أحوال البرق بالذكر .
والسنا مقصورا : ضوء البرق وضوء النار . وأما السناء الممدود فهو الرفعة . قال ابن دريد في أبيات له في متشابه المقصور والممدود : .
زال السنا عن ناظريه ... وزال عن شرف السناء A E ولام التعرف في ( الأبصار ) لام الحقيقة وقوله ( يكاد سنا برقة يذهب بالأبصار ) وهو كقوله في سورة البقرة ( يكاد البرق يخطف أبصارهم ) سوى ان هذه الآية زيد فيها لفظ سنا لأن هذه الآية واردة في مقام الاعتبار بتكوين السحاب وإنزال الغيث فكان المقام مقتضيا للتنويه بهذا البرق وشدة ضيائه حتى يكون الاعتبار بأمرين : بتكوين البرق في السحاب وبقوة ضيائه حتى يكاد يذهب بالأبصار وآية البقرة واردة في مقام التهديد والتشويه لحالهم حين كانوا مظهرين الإسلام ومنطوين على الكفر والجحود فكانت حالهم كحالة الغيث المشتمل على صواعق ورعد وبرق فظاهره منفعة وفي باطنه قوارع ومصائب .
ومن أجل اختلاف المقامين وضع التعبير هنا ب ( يذهب بالأبصار ) وهنالك بقوله ( يخطف أبصارهم ) لأن في الخطف من معنى النكاية بهم والتسلط عليهم ما ليس في ( يذهب ) إذ هو مجرد الاستلاب .
وأما التعبير هنا ب ( الأبصار ) معرفا باللام فلأن المقصود أن البرق مقارب أن يزيل طائفة من جنس الأبصار إذ اللام هنا لام الحقيقة كما في قوله ( أن يأكله الذئب ) وقولهم : ادخل السوق لأن الحكم على حالة البرق الشديد من حيث هي . بخلاف آية البقرة فإنها في مقام التوبيخ لهم بأن ما شأنه أن ينتفع الناس به قد أشرف على الضر بهم فلذلك ذكر لفظ أبصار مضافا إلى ضميرهم مع ما في هذا التخالف من تفنين الكلام الواحد على أفانين مختلفة حتى لا يكون الكلام معادا وإن كان المعنى متحدا ولا تجد حق الإيجاز فائتا فإن هذين الكلامين في حد التساوي في الحرف والنطق . وهكذا نرى بلاغة القرآن وإعجازه وحلاوة نظمه .
وقرأ الجمهور ( يذهب ) بفتح التحتية وفتح الهاء فالباء للتعدية أي يذهب الأبصار . وقرأه أبو جعفر وحده بضم التحتية وكسر الهاء فتكون الباء مزيدة لتأكيد اللصوق مثل ( وامسحوا برؤوسكم ) .
( يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار [ 44 ] )