وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن هذا التمثيل العجيب صالح لتفريق أجزائه في التشبيه بأن ينحل إلى تشبيهات واستعارات . فأعمال الكافرين شبيهة بالسراب في أن لها صورة الماء وليست بماء . والكافر يشبه الظمآن في الاحتياج إلى الانتفاع بعمله ففي قوله ( يحسبه الظمآن ) استعارة مصرحة وخيبة الكافر عند الحساب تشبه خيبة الظمآن عند مجيئه السراب ففيه استعارة مصرحة ومفاجأة الكافر بالأخذ والعتل من جند الله أو بتكوين الله تشبه مفاجأة من حسب أنه يبلغ الماء للشراب فبلغ إلى حيث تحقق أنه لا ماء فوجد عند الموضع الذي بلغه من يترصد له لأخذه أو أسره . فهنا استعارة مكنية إذ شبه أمر الله أو ملائكته بالعدو ورمز إلى العدو بقوله ( فوفاه حسابه ) . وتعدية فعل ( وجد ) إلى اسم الجلالة على حذف مضاف هي تعدية المجاز العقلي .
( أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمت بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور [ 40 ] ) شأن ( أو ) إذا جاءت في عطف التشبيهات أن تدل على تخيير السامع أن يشبه بما قبلها وربما بعدها . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( أو كصيب من السماء ) في سورة البقرة أي مع اتحاد وجه الشبه . ومنه قول امرىء القيس : .
" يضيء سناه أو مصابيح راهب ...... . . وقول لبيد : .
أفتلك أم وحشية مسيوعة ... خذلت وهادية الصوار قوامها فإذا كان الكلام هنا جاريا على ذلك الشأن كان المعنى تمثيل الذين كفروا في أعمالهم التي يظنون أنهم يتقربون بها إلى الله بحال ظلمات ليل غشيت ماخرا في بحر شديد الموج قد اقتحم ذلك البحر ليصل إلى غاية مطلوبة فحالهم في أعمالهم تشبه حال سابح في ظلمات ليل في بحر عميق يغشاه موج يركب بعضه بعضا لشدة تعاقبه وإنما يكون ذلك عند اشتداد الرياح حتى لا يكاد يرى يده التي هي أقرب شيء إليه وأوضحه في رؤيته فكيف يرجو النجاة .
A E وإن كان الكلام جاريا على التخيير في التشبيه مع اختلاف وجه التشبيه كان المعنى تمثيل حال الذين كفروا في أعمالهم التي يعملونها وهي غير مؤمنين وحال من ركب البحر يرجو بلوغ غاية فإذا هو في ظلمات لا يهتدي معها طريقا فوجه الشبه هو ما حف بأعمالهم من ضلال الكفر الحائل دون حصول مبتغاهم .
ويرجح هذا الوجه تذييل التمثيل بقوله ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) .
وعلى الوجهين فقوله ( كظلمات ) عطف على ( كسراب ) والتقدير : والذين كفروا أعمالهم كظلمات .
وهذا التمثيل من قبيل تشبيه حالة معقولة بحالة محسوسة كما يقال : شاهدت سواد الكفر في وجه فلان .
والظلمات : الظلمة الشديدة . والجمع مستعمل في لازم الكثرة وهو الشدة فالجمع كناية لأن شدة الظلمة يحصل من تظاهر عدة ظلمات . ألا ترى أن ظلمة بين العشاءين أشد من ظلمة عقب الغروب وظلمة العشاء أشد مما قبلها .
وقد ذكرنا فيما مضى أن لفظ ظلمة بالإفراد لم يرد في القرآن انظر أول سورة الأنعام . ومعنى كونها ( في بحر ) أنها انطبع سوادها على ماء بحر فصار كأنها في البحر كقوله تعالى ( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ) . وقد تقدم في سورة البقرة إذ جعل الظلمات في الصيب .
واللجي منسوب إلى اللجة واللج : هو معظم البحر أي في بحر عميق فالنسب مستعمل في التمكن من الوصف كقول أبي النجم : والدهر بالإنسان دواري أي دوار وكقولهم : رجل مشركي ورجل غلابي أي قوي الشرك وكثير الغلب .
والموج : اسم جمع موجة . والموجة : مقدار يتصاعد من ماء البحر أو النهر عن سطح مائه بسبب اضطراب في سطحه بهبوب ريح من جانبه يدفعه إلى الشاطئ . وأصله مصدر : ماج البحر أي اضطرب وسمي به ما ينشأ عنه .
ومعنى ( من فوقه موج ) أن الموج لا يتسكر حتى يلحقه موج آخر من فوقه وذلك أبقى لظلمته .
والسحاب تقدم في سورة الرعد . والسحاب يزيد الظلمة إظلاما لأنه يحجب ضوء النجم والهلال .
وقوله ( ظلمات بعظها فوق بعض ) استئناف . والتقدير : هي ظلمات . والمراد بالظلمات التي هنا غير المراد بقوله ( أو كظلمات ) لأن الجمع هنا جمع أنواع وهنالك جمع أفراد من نوع واحد .
وقرأ الجمهور ( سحاب ظلمات ) بالتنوين فيهما