وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والسراب : رطوبة كثيفة تصعد على الأرض ولا تعلو في الجو تنشأ من بين رطوبة الأرض وحرارة الجو في المناطق الحارة الرملية فيلوح من بعيد كأنه ماء . وسبب حدوث السراب اشتداد حرارة الرمال في أرض مستوية فتشتد حرارة طبقة الهواء الملاصة للرمل وتحر الطبقة الهوائية التي فوقها حرا أقل من حرارة الطبقة الملاصقة وهكذا تتناقص الحرارة في كل طبقة من الهواء عن حرارة الطبقة التي دونها وبذلك تزداد كثافة الهواء بزيادة الارتفاع عن سطح الأرض . وبحرارة الطبقة السفلى التي تلي الأرض تحدث فيها حركات تموجية فيصعد جزء منها إلى ما فوقها من الطبقات وهكذا . . فتكون كل طبقة أكثف من التي تحتها . فإذا انعكس على تلك الأشعة نور الجو من قرب طلوع الشمس إلى بقية النهار تكيفت تلك الأشعة بلون الماء . ففي أول ظهور النور يلوح السراب كأنه الماء الراكد أو البحر وكلما اشتد الضياء ظهر في السراب ترقرق كأنه ماء جار .
ثم قد يطلق السراب على هذا الهواء المتموج في سائر النهار من الغدوة إلى العصر . وقد يخص ما بين أول النهار إلى الضحى باسم الآل ثم سراب . وعلى هذا قول أكثر أهل اللغة والعرب يتسامحون في إطلاق أحد اللفظين مكان الآخر . وقد شاهدته في شهر نوفمبر فيما بين الفجر وطلوع الشمس بمقربة من موضع يقال له : أم العرائس من جهات توزر وأنا في قطار السكة الحديدية فخلت أول النظر أنا أشرفنا على بحر .
A E وقوله ( بقيعة ) الباء بمعنى في و ( قيعة ) أرض والجار والمجرور وصف ( لسراب ) وهو وصف كاشف لأن السراب لا يتكون إلا في قيعة . وهذا كقولهم في المثل للذليل ( هو فقع في قرقر ) فإن الفقع لا ينبت إلا في قرقر . والقيعة : الأرض المنبسطة ليس فيها ربى ويرادفها القاعة . وقيل قيعة جمع قاع مثل جيرة جمع جار ولعله غلب لفظ الجمع فيه حتى ساوى المفرد .
وقوله ( يحسبه الظمآن ماء ) يفيد وجه الشبه ويتضمن أحد أركان التمثيل وهو الرجل العطشان وهو مشابه الكافر صاحب العمل .
و ( حتى ) ابتدائية فهي بمعنى فاء التفريع . ومجيء الظمآن إلى السراب يحصل بوصوله إلى مسافة كان يقدرها مبدأ الماء بحسب مرأى تخيله كأن يحدده بشجرة أو صخرة . فلما بلغ إلى حيث توهم وجود الماء لم يجد الماء فتحقق أن ما لاح له سراب . فهذا معنى قوله ( حتى إذا جاءه ) أي إذا جاء الموضع الذي تخيل أنه إن وصل إليه يجد ماء . وإلا فإن السراب لا يزال يلوح له بعد كلما تقدم السائر في سيره . فضرب ذلك مثلا لقرب زمن إفضاء الكافر إلى عمله وقت موته حين يرى مقعده أو في وقت الحشر .
وقوله ( لم يجده شيئا ) أي لم يجد ما كان يخيل إلى عينه أنه ماء لم يجده شيئا .
والشيء : هو الموجود وجودا معلوما للناس والسراب موجود ومرئي فقوله ( شيئا ) أي شيئا من ماء بقرينة المقام . وهذا التمثيل كقوله تعالى ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) .
و ( إذا ) هنا ظرف مجرد عن الشرطية . والمعنى : زمن مجيئه إلى السراب أي وصوله إلى الموضع .
وقوله ( ووجد الله عنده ) هو من تمام التمثيل أي لم يجد الماء ووجد في مظنة الماء الذي ينتفع به وجد من إن أخذ بناصيته لم يفلته أي هو عند ظنه الفوز بمطلوبه فاجأه من يأخذه للعذاب وهو معنى قوله ( فوفاه حسابه ) أي أعطاه جزاء كفره وافيا . فمعنى ( فوفاه ) أنه لا تخفيف فيه فهو قد تعب ونصب في العمل فلم يجد جزاء إلا العذاب بمنزلة من ورد الماء للسقي فوجد من له عنده ترة فأخذه .
وجملة ( والله سريع الحساب ) تذييل . والسريع : ضد البطيء . والمعنى : أنه لا يماطل الحساب ولا يؤخره عند حلول مقتضيه فهو عام في حساب الخير والشر ولذلك كان تذييلا