وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

A E ثم قيل : أريد بالبيوت المساجد . ولا يستقيم ذلك إذ لم يكن في مساجد المسلمين يومئذ مصابيح وإنما أحدثت المصابيح في المساجد الإسلامية في خلافة عمر بن الخطاب فقال له علي : نور الله مضجعك يابن الخطاب كما نورت مسجدنا . وروي أنما أسلم تميم سنة تسع أي بعد نزول هذه الآية . وقيل البيوت مساجد بيت المقدس وكانت يومئذ بيعا للنصارى . ويجوز عندي على هذا الوجه أن يكون المراد بالبيوت صوامع الرهبان وأديرتهم وكانت معروفة في بلاد العرب في طريق الشام يمرون عليها وينزلون عندها في ضيافة رهبانها . وقد ذكر صاحب القاموس عددا من الأديرة . ويرجح هذا قوله ( أن ترفع ) فإن الصوامع كانت مرفوعة والأديرة كانت تبنى على رؤوس الجبال . أنشد الفراء : .
لو أبصرت رهبان دير بالجبل ... لانحدر الرهبان يسعى ويصل والمراد بإذن الله برفعها أنه ألهم متخذيها أن يجعلوها عالية وكانوا صالحين يقرأون الإنجيل فهو كقوله تعالى ( لهدمت صوامع وبيع ) إلى قوله ( يذكر فيها اسم الله كثيرا ) . وعبر بالإذن دون الأمر لأن الله لم يأمرهم باتخاذ الأديرة في أصل النصرانية ولكنهم أحدثوها للعون على الانقطاع للعبادة باجتهاد منهم فلم ينههم الله عن ذلك إذ لا يوجد في أصل الدين ما يقتضي النهي عنها فكانت في قسم المباح فلما انضم إلى إباحة اتخاذها نية العون على العبادة صارت مرضية لله تعالى . وهذا كقوله تعالى ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبنا عليهم إلا ابتغاء رضوان الله ) . وقد كان اجتهاد أحبار الدين في النصرانية وإلهامهم دلائل تشريع لهم كما تقتضيه نصوص من الإنجيل . والمقصد من ذكر هذا على هذه الوجوه زيادة إيضاح المشبه به كقول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة جهنم : " فإذا لهم كلاليب مثل حسك السعدان هل رأيتم حسك السعدان ؟ " . وفيه مع ذلك تحسين المشبه به ليسري ذلك إلى تحسين المشبه كما في قول كعب بن زهير : .
شجت بذي شبم من ماء محنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول .
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب سارية بيض يعاليل لأن ما ذكر من وصف البيوت وما يجري فيها مما يكسبها حسنا في نفوس المؤمنين .
وتخصيص التسبيح بالرجال لأن الرهبان كانوا رجالا .
وأريد بالرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله : الرهبان الذين انقطعوا للعبادة وتركوا الشغل بأمور الدنيا فيكون معنى ( لا تلهيهم تجارة ولا بيع ) : أنهم لا تجارة لهم ولا بيع من شأنهما أن يلهياهم عن ذكر الله فهو من باب : على لاحب لا يهتدى بمناره .
والثناء عليهم يومئذ لأنهم كانوا على إيمان صحيح إذ لم تبلغهم يومئذ دعوى الإسلام ولم تبلغهم إلا بفتوح مشارف الشام بعد غزوة تبوك وأما كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل فإنه لم يذع في العامة . وكان الرهبان يتركون الكوى مفتوحة ليظهر ضوء صوامعهم وقد كان العرب يعرفون صوامع الرهبان وأضواءها في الليل . قال امرؤ القيس : .
تضيء الظلام بالعشي كأنها ... منارة ممسى راهب متبتل وقال أيضا : .
يضيء سناه أو مصابيح راهب ... أمال السليط بالذبال المقتل والسليط : الزيت أي صب الزيت على الذبال . فهو في تلك الحالة أكثر إضاءة . وكانوا يهتدون بها في أسفارهم ليلا . وقال امرؤ القيس : .
سموت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقفال القفال : جمع قافل وهم الراجعون من أسفارهم .
وقيل : أريد بالرفع الرفع المعنوي وهو التعظيم والتنزيه عن النقائض فالإذن حينئذ بمعنى الأمر .
وبعد فهذا يبعد عن أغراض القرآن وخاصة المدني منه لأن الثناء على هؤلاء الرجال ثناء جم ومعقب بقوله ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا )