وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد قيل إن بركتها لأنها من شجر بلاد الشام والشام بلد مبارك من عهد إبراهيم عليه السلام قال تعالى ( ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) يريد أرض الشام .
ووصف الزيتونة ب ( مباركة ) على هذا وصف كاشف ويجوز أن يكون وصفا مخصصا ل ( زيتونة ) أي شجرة ذات بركة أي نماء ووفرة ثمر من بين شجر الزيتون فيكون ذكر هذا الوصف لتحسين المشبه به لينجر منه تحسين للمشبه كما في قول كعب بن زهير : .
شجت بذي شبم من ماء محنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول .
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب سارية بيض يعاليل فإن قوله وأفرطه الخ لا يزيد الماء صفاء ولكنه حالة تحسنه عند السامع .
وقوله ( لا شرقية ولا غربية ) وصف ل ( زيتونة ) . دخل حرف ( لا ) النافية في كلا الوصفين فصار بمنزلة حرف هجاء من الكلمة بعده ولذلك لم يكن في موضع إعراب نظير ( ال ) المعرفة التي ألغز فيها الدماميني بقوله : حاجيتكم لتبخروا ما اسمان وأول إعرابه في الثاني .
وهو مبني بكل حال ... ها هو للناظر كالعيان لإفادة الاتصاف بنفي كل وصف وعطف على كل وصف ضده لإرادة الاتصاف بوصف وسط بين الوصفين المنفيين لأن الوصفين ضدان على طريقة قولهم : " الرمان حلو حامض " . والعطف هنا من عطف الصفات كقوله تعالى ( لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) وقوله المرأة الرابعة من حديث أم زرع " زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر " أي وسطا بين الحر والقر . وقوله العجاج يصف حمار وحش : .
حشرج في الجوف قليلا وشهق ... حتى يقال ناهق وما نهق والمعنى : إنها زيتونة جهتها بين جهة الشرق وجهة الغرب فنفي عنها أن تكون شرقية وأن تكون غربية . وهذا الاستعمال من قبيل الكناية لأن المقصود لازم المعنى لا صريحه . وأما إذا لم يكن الأمران المنفيان متضادين فإن نفيهما لا يقتضي أكثر من نفي وقوعهما كقوله تعالى ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) وقول المرأة الأولى من نساء حديث أم زرع " زوجي لحم جمل على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل " .
واعلم أن هذا الاستعمال إنما يكون في عطف نفي الأسماء وأما عطف الأفعال المنفية فهو من عطف الجمل نحو ( فلا صدق ولا صلى ) وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض " .
واعلم أيضا أن هذا لم يرد إلا في النفي بلا النافية ولذلك استقام للحريري أن يلقب شجرة الزيتون بلقب " لا ولا " بقوله في المقامة السادسة والأربعين " بورك فيك من طلا . كما بورك في لا ولا " أي في الشجرة التي قال الله في شأنها ( لا شرقية ولا غربية ) .
ثم يحتمل أن يكون معنى ( لا شرقية ولا غربية ) أنها نابتة في موضع بين شرق بلاد العرب وغربها وذلك هو البلاد الشامية وقد قيل إن أصل منبت شجرة الزيتون بلاد الشام . ويحتمل أن يكون المعنى أن جهة تلك الشجرة من بين ما يحف بها من شجر الزيتون موقع غير شرق الشمس وغربها وهو أن تكون متجهة إلى الجنوب . أي لا يحجبها عن جهة الجنوب حاجب وذلك أنفع لحياة الشجرة وطيب ثمرتها فبذلك يكون زيتها أجود وإذا كان أجود كان أشد وقودا ولذلك أتبع بجملة ( يكاد زيتها يضيء ) وهي في موضع الحال .
وجملة ( ولو لم تمسسه النار ) في موضع الحال من ( زيتها ) .
والزيت : عصارة حب الزيتون وما يشبهه من كل عصارة دهنية مثل زيت السمسم والجلجلان . وهو غذاء . ولذلك تجب الزكاة في زيت الزيتون إذا كان حبه نصابا خمسة أوسق وكذلك زكاة زيت الجلجلان والسمسم .
و ( لو ) وصلية . والتقدير : يكاد يضيء في كل حال حتى في حالة لم تمسسه فيها نار .
وهذا تشبيه بالغ كمال الإفصاح بحيث هو مع أنه تشبيه هيئة بهيئة هو أيضا مفرق التشبيهات لأجزاء المركب المشبه مع أجزاء المركب المشبه به وذلك أقصى كمال التشبيه التمثيلي في صناعة البلاغة .
ولما كان المقصود تشبيه الهيئة بالهيئة والمركب بالمركب حسن دخول حرف التشبيه على بعض ما يدل على بعض المركب ليكون قرينة على أن المراد التشبيه المركب ولو كان المراد تشبيه الهدى فقط لقال : نوره كمصباح في مشكاة . . إلى آخره .
فالنور هو معرفة الحق على ما هو عليه المكتسبة من وحي الله وهو القرآن . شبه بالمصباح المحفوف بكل ما يزيد نوره انتشارا وإشراقا .
A E