وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقال أبو بكر ابن العربي : حقيقة الخير ما زاد نفعه على ضره وحقيقة الشر ما زاد ضره على نفعه وأن خيرا لا شر فيه هو الجنة وشرا لا خير فيه هو جهنم . فنبه الله عائشة ومن ماثلها ممن ناله هم من هذا الحديث أنه ما أصابهم منه شر بل هو خير على ما وضع الله الشر والخير عليه في هذه الدنيا من المقابلة بين الضر والنفع ورجحان النفع في جانب الخير ورجحان الضر في جانب الشر اه . وتقدم ذكر الخير عند قوله تعالى ( أينما يوجهه لا يأت بخير ) في سورة النحل .
وبعد إزالة خاطر أن يكون ذلك شرا للمؤمنين أثبتت أنه خير لهم فأتى بالإضراب لإبطال أن يحسبوه شرا وإثبات انه خير لهم لأن فيه منافع كثيرة ؛ إذ يميز به المؤمنون الخلص من المنافقين وتشرع لهم بسببه أحكام تردع أهل الفسق عن فسقهم وتتبين منه براءة فضلائهم ويزداد المنافقون غيظا ويصبحون محقرين مذمومين ولا يفرحون بظنهم حزن المسلمين فإنهم لما اختلقوا هذا الخبر ما أرادوا إلا أذى المسلمين وتجيء منه معجزات بنزول هذه الآيات بالإنباء بالغيب . قال في الكشاف : ... وفوائد دينية وآداب لا تخفى على متأملها اه .
وعدل أن يعطف ( خيرا ) على ( شرا ) بحرف ( بل ) فيقال : بل خيرا لكم إيثارا للجملة الاسمية الدالة على الثبات والدوام .
والإثم : الذنب وتقدم عند قوله تعالى ( قل فيهما إثم كبير ) في سورة البقرة وعند قوله ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) في سورة الأنعام .
وتولي الأمر : مباشرة عمله والتهمم به .
( والكبر ) بكسر الكاف في قراءة الجمهور ويجوز ضم الكاف . وقرأ به يعقوب وحده ومعناه : أشد الشيء ومعظمه فهما لغتان عند جمهور أئمة اللغة . وقال ابن جني والزجاج : المكسور بمعنى الإثم والمضموم : معظم الشيء . ( والذي تولى كبره ) هو عبد الله بن أبي سلول وهو منافق وليس من المسلمين .
وضمير ( منهم ) عائد إلى ( الذين جاءوا بالإفك ) . وقيل : الذي تولى كبره حسان بن ثابت لما وقع في صحيح البخاري : ( عن مسروق قال : دخل حسان على عائشة فأنشد عندها أبياتا منها : .
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثي من لحوم الغوافل فقالت له عائشة : لكن أنت لست كذلك . قال مسروق فقلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى : ( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) فقالت : أي عذاب أشد من العمى .
والوعيد بأن له عذابا عظيما يقتضي أنه عبد الله بن أبي سلول . وفيه إنباء بأنه يموت على الكفر فيعذب العذاب العظيم في الآخرة وهو عذاب الدرك الأسفل من النار وأما بقية العصبة فلهم من الإثم بمقدار ذنبهم . وفيه إيماء بأذن الله يتوب عليهم إن تابوا كما هو الشأن في هذا الدين .
( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين [ 12 ] ) استئناف لتوبيخ عصبة الإفك من المؤمنين وتعنيفهم بعد أن سماه إفكا .
و ( لولا ) هنا حرف بمعنى ( هلا ) للتوبيخ كما هو شأنها إذا وليها الفعل الماضي وهو هنا ( ظن المؤمنون ) . وأما ( إذ سمعتموه ) فهو ظرف متعلق بفعل الظن فقدم عليه ومحل التوبيخ جملة ( ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) فأسند السماع إلى جميع المخاطبين وخص بالتوبيخ من سمعوا ولم يكذبوا الخبر .
وجرى الكلام على الإبهام في التوبيخ بطريقة التعبير بصيغة الجمع وإن كان المقصود دون عدد الجمع فإن من لم يظن خيرا رجلان فعبر عنهما بالمؤمنين وامرأة فعبر عنها بالمؤمنات على حد قوله ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ) .
وقوله ( بأنفسهم خيرا ) وقع في مقابلة ( ظن المؤمنون والمؤمنات ) فيقتضي التوزيع أي ظن كل واحد منهم بالآخرين ممن رموا بالإفك خيرا إذ لا يظن المرء بنفسه .
وهذا كقوله تعالى ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي يلمز بعشكم بعضا وقوله ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ) .
روي أن أبا أيوب الأنصاري لما بلغه خبر الإفك قال لزوجه : ألا ترين ما يقال ؟ فقالت له : لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله سوءا ؟ قال : لا . قالت : ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنت رسول الله فعائشة خير مني وصفوان خير منك . قال : نعم