وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعندي : أن فعل ( ليقضوا ) ينادي على أن التفث عمل من أعمال الحج وليس وسخا ولا ظفرا ولا شعرا . ويؤيده ما روي عن ابن غمر وابن عباس آنفا وأن موقع ( ثم ) في عطف جملة الأمر على ما قبلها ينادي على معنى التراخي الرتبي فيقتضي أن المعطوف ب ( ثم ) أهم مما ذكر قبلها فإن أعمال الحج هي المهم في الإتيان إلى مكة فلا جرم أن التفث هو مناسك الحج وهذا الذي درج عليه الحريري في قوله في المقامة المكية " فلما قضيت بعون الله التفث . واستبحت الطيب والرفث . صادف موسم الخيف . معمعان الصيف " .
وقوله ( وليوفوا نذورهم ) أي إن كانوا نذروا أعمالا زائدة على ما تقتضيه فريضة الحج مثل نذر طواف زائد أو اعتكاف في المسجد الحرام أو نسكا أو إطعام فقير أو نحو ذلك .
والنذر : التزام قربة الله تعالى لم تكن واجبة على ملتزمها بتعليق على حصول مرغوب أو بدون تعليق وبالنذر تصير القربة الملتزمة واجبة على الناذر . وأشهر صيغة : لله علي... وفي هذه الآية دليل على أن النذر كان مشروعا في شريعة إبراهيم . وقد نذر عمر في الجاهلية اعتكاف ليلة بالمسجد الحرام ووفى به إسلامه كما في الحديث .
وقرأ الجمهور ( وليوفوا ) " بضم التحتية وسكون الواو بعدها " مضارع أوفى . وقرأ أبو بكر عن عاصم ( وليوفوا ) " بتشديد الفاء " وهو بمعنى قراءة التخفيف لأن كلتا الصيغتين من فعل وفى المزيد فيه بالهمزة وبالتضعيف .
وختم خطاب إبراهيم بالأمر بالطواف بالبيت إيذانا بأنهم كانوا يجعلون آخر أعمال الحج الطواف بالبيت وهو المسمى في الإسلام طواف الإفاضة .
والعتيق : المحرر غير المملوك للناس . شبه بالعبد العتيق في أنه لا ملك لأحد عليه . وفيه تعريض بالمشركين إذ كانوا يمنعون منه من يشاءون حتى جعلوا بابه مرتفعا بدون درج لئلا يدخله إلا من شاءوا كما جاء في حديث عائشة أيام الفتح . وأخرج الترمذي بسند حسن أن رسول الله قال : " إنما سمى الله البيت العتيق لأنه أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط " .
واعلم أن هذه الآيات حكاية عما كان في عهد إبراهيم " عليه السلام " فلا تؤخذ منها أحكام الحج والهدايا في الإسلام .
وقرأ الجمهور ( ثم ليقضوا - وليوفوا - وليطوفوا ) بإسكان لام الأمر في جميعها . وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر ( وليوفوا - وليطوفوا ) " بكسر اللام فيهما " . وقرأ ابن هشام عن ابن عامر وأبو عمرو وورش عن نافع وقنبل عن ابن كثير ورويس عن يعقوب ( ثم ليقضوا ) " بكسر اللام " . وتقدم توجيه الوجهين آنفا عند قوله تعالى ( ثم ليقطع ) .
وقرا أبو بكر عن عاصم ( وليوفوا ) بفتح الواو وتشديد الفاء من وفى المضاعف .
( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ) A E اسم الإشارة مستعمل هنا للفصل بين كلامين أو بين وجهين من كلام واحد . والقصد منه التنبيه على الاهتمام بما سيذكر بعده . فالإشارة مراد بها التنبيه وذلك حيث يكون ما بعده غير صالح لوقوعه خبرا عن اسم الإشارة فيتعين تقدير خبر عنه في معنى : ذلك بيان أو ذكر وهو من أساليب الاقتضاب في الانتقال . والمشهور في هذا الاستعمال لفظ " هذا " كما في قوله تعالى ( هذا وإن للطاغين لشر مئاب ) وقول زهير : .
هذا وليس كمن يعيا بخطبته ... وسط الندي إذا ما قائل نطقا وأوثر في الآية اسم إشارة البعيد للدلالة على بعد المنزلة كناية عن تعظيم مضمون ما قبله .
فاسم الإشارة مبتدأ حذف خبره لظهور تقديره أي ذلك بيان ونحوه . وهو كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض الأغراض فإذا أراد الخوض في غرض آخر قال : هذا وقد كان كذا وكذا .
وجملة ( ومن يعظم ) الخ معترضة عطفا على جملة ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) عطف الغرض على الغرض . وهو انتقال إلى بيان ما يجب الحفاظ عليه من الحنيفية والتنبيه إلى أن الإسلام بني على أساسها .
وضمير ( فهو ) عائد إلى التعظيم المأخوذ من فعل ( ومن يعظم حرمات الله ) . والكلام موجه إلى المسلمين تنبيها لهم على أن تلك الحرمات لم يعطل الإسلام حرمتها فيكون الانتقال من غرض إلى غرض ومن مخاطب إلى مخاطب آخر . فإن المسلمين كانوا يعتمرون ويحجون قبل إيجاب الحج عليهم . أي قبل فتح مكة .
والحرمات : جمع حرمة " بضمتين " : وهي ما يجب احترامه