وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فذلكة لما تقدم . لأنه لما اشتملت الآيات السابقة على بيان أحوال المترددين في قبول الإسلام كان ذلك مشار لأن يتساءل عن أحوال الفرق بعضهم مع بعض في مختلف الأديان . وأن يسأل عن الدين الحق لأن كل أمة تدعى أنها على الحق وغيرها على الباطل وتجادل في ذلك .
فبينت هذه الآية أن الفصل بين أهل الأديان فيما اختصموا فيه يكون يوم القيامة . إذ لم تقدهم الحجج في الدنيا .
وهذا الكلام بما فيه من إجمال هو جار مجرى التفويض . ومثله يكون كناية عن تصويب المتكلم طريقته وتخطئته طريقة خصمه . لأن مثل ذلك التفويض لله لا يكون إلا من الواثق بأنه على الحق وهو كقوله تعالى ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير ) وذلك من قبيل الكناية التعريضية .
وذكر المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين تقدم في آية البقرة وآية العقود .
وزاد في هذه الآية ذكر المجوس والمشركين لأن الآيتين المتقدمتين كانتا في مساق بيان فضل التوحيد والإيمان بالله واليوم الآخر في كل زمان وفي كل أمة . وزيد في هذه السورة ذكر المجوس والمشركين لأن هذه الآية مسوقة لبيان التفويض إلى الله في الحكم بين أهل الملل فالمجوس والمشركون ليسوا من أهل الإيمان بالله واليوم الآخر .
A E فأما المجوس فهم أهل دين يثبت إلهين : إلها للخير وإلها للشر وهم أهل فارس . ثم هي تتشعب شعبا تأوي إلى هذين الأصلين . وأقدم النحل المجوسية أسسها " كيومرث " الذي هو أول ملك بفارس في أزمنة قديمة يظن أنها قبل زمن إبراهيم " عليه السلام " ولذلك يلقب أيضا بلقب " جل شاه " تفسيره : ملك الأرض . غير أن ذلك ليس مضبوطا بوجه علمي وكان عصر " كيومرث " يلقب " زروان " أي الأزل فكان أصل المجوسية هم أهل الديانة المسماة : الزروانية وهي تثبت إلهين هما " يزدان " و " أهرمن " . قالوا : كان يزدان منفردا بالوجود الأزلي وأنه كان نورانيا وأنه بقي كذلك تسعة آلف وتسعين سنة ثم حدث له خاطر في نفسه : أنه لو حدث له منازع كيف يكون الأمر فنشأ من هذا الخاطر موجود جديد ظلماني سمي " أهرمن " وهو إله الظلمة مطبوعا على الشر والضر . وإلى هذا أشار أبو العلاء المعري بقوله في لزومياته : .
قال أناس باطل زعمهم ... فراقبوا الله ولا تزعمن .
فكر يزدان على غرة ... فصيغ من تفكيره أهرمن فحدث بين " أهرمن " وبين " يزدان " خلاف ومحاربة إلى الأبد . ثم نشأت على هذا الدين نحل خصت بألقاب وهي متقاربة التعاليم أشهرها نحلة " زرادشت " الذي ظهر في القرن السادس قبل ميلاد المسيح وبه اشتهرت المجوسية . وقد سمي إله الخير " أهورا مزدا " أو " أرمزد " أو " هرمز " وسمي إله الشر " أهرمن " وجعل إله الخير نورا وإله الشر ظلمة . ثم دعا الناس إلى عبادة النار على أنها مظهر إله الخير وهو النور .
ووسع شريعة المجوسية ووضع لها كتابا سماه " زندافستا " . ومن أصول شريعته تجنب عبادة التماثيل .
ثم ظهرت في المجوس نحلة " المانوية " . وهي المنسوبة إلى " ماني " الذي ظهر في زمن سابور بن أردشير ملك الفرس بين سنة 238 وسنة 271م .
وظهرت في المجوس نحلة " المزدكية " وهي منسوبة إلى " مزدك " الذي ظهر في زمن قباذ بين سنة 487 وسنة 523م . وهي نحلة قريبة من " المانوية " وهي آخر نحلة ظهرت في تطور المجوسية قبل الفتح الإسلامي لبلاد الفرس .
وللمجوسية شبه في الأصل بالإشراك إلا أنها تخالفه بمنع عبادة الأحجار وبأن لها كتابا فأشبهوا بذلك أهل الكتاب . ولذلك قال النبي A فيهم : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " أي في الاكتفاء بأخذ الجزية منهم دون الإكراه على الإسلام كما يكره المشركون على الدخول في الإسلام .
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى ( وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين ) في سورة النحل .
وأعيدت ( إن ) في صدر الجملة الواقعة خبرا عن اسم ( إن ) الأولى توكيدا لفظيا للخبر لطول الفصل بين اسم ( إن ) وخبرها . وكون خبرها جملة وهو توكيد حسن بسبب طول الفصل . وتقدم منه قوله تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ) في سورة الكهف . وإذا لم يطل الفصل فالتوكيد بإعادة ( إن ) أقل حسنا كقول جرير :