وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذا وصف فريق آخر من الذين يقابلون الأمر بالتقوى والإنذار بالساعة مقابلة غير المطمئن بصدق دعوة الإسلام ولا المعرض عنها إعراضا تاما ولكنهم يضعون أنفسهم في معرض الموازنة بين دينهم القديم ودين الإسلام . فهم يقبلون دعوة الإسلام ويدخلون في عداد متبعيه ويرقبون ما ينتابهم بعد الدخول في الإسلام فإن أصابهم الخير عقب ذلك علموا أن دينهم القديم ليس بحق وأن آلهتهم لا تقدر على شيء لأنها لو قدرت لانتقمت منهم على نبذ عبادتها وظنوا أن الإسلام حق وإن أصابهم سر من شرور الدنيا العارضة في الحياة المسببة عن أسباب عادية سخطوا على الإسلام وانخلعوا عنه . وتوهموا أن آلهتهم أصابتهم بسوء غضبا من مفارقتهم عبادتها كما حكي الله عن عاد إذ قالوا لرسولهم ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) .
فالعبادة في قوله تعالى ( من يعبد الله على حرف ) مراد بها عبادة الله وحده بدليل قوله تعالى ( يدعوا من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه ) .
A E والظاهر أن الآية نزلت بالمدينة ففي صحيح البخاري عن ابن عباس في قوله ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) قال : كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال : هذا دين صالح وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء .
وفي رواية الحسن : أنها نزلت في المنافقين يعني المنافقين من الذين كانوا مشركين مثل : عبد الله بن أبي بن سلول . وهذا بعيد لأن أولئك كانوا مبطنين الكفر فلا ينطبق عليهم قوله ( فإن أصابه خير اطمأن به ) . وممن يصلح مثالا لهذا الفريق العرنيون الذين أسلموا وهاجروا فاجتووا المدينة . فأمرهم النبي A بان يلحقوا براعي إبل الصدقة خارج المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى يصحوا فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود وفروا . فألحق بهم النبي A الطلب في أثرهم حتى لحقوا بهم فأمر بهم فقتلوا .
وفي حديث الموطأ : أن أعرابيا أسلم وبايع النبي A فأصابه وعك بالمدينة فجاء إلى النبي A يستقيله بيعته فأبى أن يقيله فخرج من المدينة فقال النبي A : " المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها " فجعله خبثا لأنه لم يكن مؤمنا ثابتا . وذكر الفخر عن مقاتل أن نفرا من أسد وغطفان قالوا : تخاف أن لا ينصر الله محمدا فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا فنزل فيهم قوله تعالى ( من كان يظن أن لن ينصره الله ) الآيات .
وعن الضحاك : أن الآية نزلت في المؤلفة قلوبهم منهم : عيينة ابن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس قالوا : ندخل في دين محمد فإن أصبنا خيرا عرفنا أنه حق . وإن أصبنا غير ذلك عرفنا أنه باطل . وهذا كله ناشئ عن الجهل وتخليط الأسباب الدنيوية بالأسباب الأخروية وجعل المقارنات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية . وهذا أصل كبير من أصول الضلالة في أمور الدين وأمور الدنيا . ولنعم المعبر عن ذلك قوله تعالى ( خسر الدنيا والآخرة ) إذ لا يهتدي إلى تطلب المسببات من أسبابها .
وحرف الشيء طرفه وجانبه سواء كان مرتفعا كحرف الجبل والوادي أم كان مستويا كحرف الطريق . ويطلق الحرف على طرف الجيش . ويجمع على طرف بوزن عنب قال في القاموس : ولا نظير له سوى طل وطلل .
وقوله تعالى ( يعبد الله على حرف ) تمثيل لحال المتردد في عمله يريد تجربة عاقبته بحال من يمشي على حرف جبل أو حرف واد فهو متهيئ لأن يزل عنه إلى أسفله فينقلب أي ينكب .
ومعنى اطمأن : استقر وسكن في مكانه . ومصدره الاطمئنان واسم المصدر الطمأنينة . وتقدم في قوله تعالى - ولكن ليطمئن قلبي ) في سورة البقرة .
والمعنى : استمر على التوحيد فرحا بالخير الذي أصابه . واستقرار مثل هذا على الإيمان يصيره مؤمنا إذا زال عنه التردد وحال هؤلاء قريب من حال المؤلفة قلوبهم .
والانقلاب : مطاوع قلبه إذا كبه أي ألقاه على عكس ما كان عليه بأن جعل ما كان أعلاه أسلفه كما يقلب القالب " بفتح اللام " . فالانقلاب مستعمل في حقيقته والكلام تمثيل . وتفسيرنا الانقلاب هنا بهذا المعنى هو المناسب لقوله ( على وجهه ) أي سقط وانكب عليه كقول امرئ القيس : .
" يكب على الأذقان دوح الكنهبل