وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ) هو عديل قوله تعالى ( ومنكم من يتوفى ) . وسكت عن ذكر الموت بعد أرذل العمر لأنه معلوم بطريقة لحن الخطاب . وجعل انتفاء علم الإنسان عند أرذل العمر علة إلى أرذل العمر باعتبار أنه علة غائية لذلك لأنه مما اقتضته حكمة الله في نظام الخلق فكان حصوله مقصودا عند رد الإنسان غلى ارذل العمر فإن ضعف القوى الجسيمة يستتبع ضعف القوى العقلية قال تعالى ( ومن نعمره ننكسه في الخلق ) فالخلق يشمل كل ما هو من الخلقة ولا يختص بالجسم .
وقوله ( من بعد علم ) أي بعد ما كان علمه فيما قبل أرذل العمر .
A E و ( من ) الداخلية على ( بعد ) هنا مزيدة للتأكيد على رأي الأخفش وابن مالك من عدم انحصار زيادة ( من ) في خصوص جر النكرة بعد نفي وشبهه أو هي للابتداء عند الجمهور وهو ابتداء صوري يساوي معنى التأكيد ولذلك لم يؤت ب ( من ) في قوله تعالى ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) في سورة النحل .
والآيتان بمعنى واحد فذكر ( من ) هنا تفنن في سياق العبرتين .
و ( شيئا ) واقع في سياق النفي يعم كل معلوم أي لا يستفيد معلوما جديدا . ولذلك مراتب في ضعف العقل بحسب توغله في أرذل العمر تبلغ إلى مرتبة انعدام قبوله لعلم جديد وقبلها مراتب من الضعف متفاوتة كمرتبة نسيان الأشياء ومرتبة الاختلاط بين المعلومات وغير ذلك .
( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج [ 5 ] ) عطف على جملة ( فإنا خلقناكم من تراب ) والخطاب لغير معين فيعم كل من يسمع هذا الكلام . وهذا ارتقاء في الاستدلال على الإحياء بعد الموت بقياس التمثيل لأنه استدلال بحالة مشاهدة فلذلك افتتح بفعل الرؤية . بخلاف الاستدلال بخلق الإنسان فإن مبدأ غير مشاهد فقيل في شأنه ( فإنا خلقناكم من تراب ) الآية . ومحل الاستدلال من قوله تعالى ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت ) . فهو مناسب الأول ( فإنا خلقناكم من تراب ) فهمود الأرض بمنزلة موت الإنسان واهتزازها وإنباتها بعد ذلك يماثل الإحياء بعد الموت .
والهمود : قريب من الخمود . فهمود الأرض جفافها وزوال نبهتا وهمود النار خمودها .
والاهتزاز : التحرك إلى أعلى فاهتزاز الأرض تمثل لحال ارتفاع ترابها بالماء وحال ارتفاع وجهها بما عليه من العشب بحال الذي يهتز ويتحرك إلى أعلى .
وربت : حصل لها ربو " بضم الراء وضم الموحدة " وهو ازدياد السيء يقال : ربا يربو ربوا وفسر هنا بانتفاخ الأرض من تفتق النبت والشجر . وقرأ أبو جعفر " وربأت " بهمزة مفتوحة بعد الموحدة أي ارتفعت . ومنه قولهم : ربأ بنفسه عن كذا أي ارتفع مجازا وهو فعل مشتق من اسم الربيئة وهو الذي يعلوا ربوة من الأرض لينظر هل من عدو يسير إليهم .
والزوج : الصنف من الأشياء . أطلق عليه اسم الزوج تشبيها له بالزوج من الحيوان وهو صنف الذكر وصنف الأنثى . لأن كل فرد من أحد الصنفين يقترن بالفرد من الصنف الآخر فيصير زوجا فيسمى كل واحد منهما زوجا بهذا المعنى ثم شاع إطلاقه على أحد الصنفين ثم أطلق على كل نوع وصنف وإن لم يكن ذكرا ولا أنثى . فأطلق هنا على أنواع النبات .
والبهيج : الحسن المنظر السار للناظر . وقد سيق هذا الوصف إدماجا للامتنان في أثناء الاستدلال امتنانا بجمال صورة الأرض المنبتة لآن كونه بهيجا لا دخل له في الاستدلال فهو امتنان محض كقوله تعالى ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) وقوله تعالى ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) .
( ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير [ 6 ] وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور [ 7 ] ) فذلكة ما تقدم فالجملة تذييل .
والإشارة ب ( ذلك ) إلى ما تقدم من أطوار خلق الإنسان وفنائه ومن إحياء الأرض بعد موتها وانبثاق النبت منها .
وإفراد حرف الخطاب المقترن باسم الإشارة لإرادة مخاطب غير معين على نسق قوله ( وترى الأرض هامدة ) على أن اتصال اسم الإشارة بكاف خطاب الواحد هو الأصل