وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجاء هو في جوابهم بالإضراب عن قولهم ( أم أنت من اللاعبين ) لإبطال أن يكون من اللاعبين وإثبات أن ربهم هو الرب الذي خلق السماوات أي وليست تلك التماثيل أربابا إذ لا نزاع في أنها لم تخلق السماوات والأرض بل هي مصنوعة منحوتة من الحجارة كما في الآية الأخرى ( قال أتعبدون ما تنحتون ) فلما شذ عنها خلق السماوات والأرض كما هو غير منكر منكم فهي منحوتة من أجزاء الأرض فما هي إلا مربوبة مخلوقة وليست أربابا ولا خالقة . فضمير الجمع في قوله تعالى ( خلقهن ) ضمير السماوات والأرض لا محالة .
فكان جواب إبراهيم إبطالا لقولهم ( أم أنت من اللاعبين ) مع مستند الإبطال بإقامة الدليل على أنه جاءهم بالحق . وليس فيه طريقة الأسلوب الحكيم كما ظنه الطيبي .
وقوله تعالى ( وأنا على ذلكم من الشاهدين ) إعلام لهم بأنه مرسل من الله لإقامة دين التوحيد لأن رسول كل أمة شهيد عليها كما قال تعالى ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ولم يكن يومئذ في قومه من يشهد ببطلان إلهية أصنامهم فتعين أن المقصود من الشاهدين أنه بعض الذين شهدوا بتوحيد الله بالإلهية في مختلف الأزمان أو الأقطار .
ويحتمل معنى التأكيد لذلك بمنزلة القسم كقول الفرزدق : A E .
شهد الفرزدق حين يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالعذر ثم انتقل إبراهيم " عليه السلام " من تغيير المنكر بالقول إلى تغييره باليد معلنا عزمه على ذلك بقوله ( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) مؤكدا عزمه بالقسم فالواو عاطفة جملة القسم على جملة الخبر التي قبلها .
والتاء تختص بقسم على أمر متعجب منه وتختص باسم الجلالة وقد تقدم عند قوله تعالى ( قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف ) .
وسمى تكسيره الأصنام كيدا على طريق الاستعارة أو المشاكلة التقديرية لاعتقاد المخاطبين أنهم يزعمون أن الأصنام تدفع عن أنفسها فلا يستطيع أن يمسها بسوء إلا على سبيل الكيد .
والكيد : التحيل على إلحاق الضر في صورة غير مكروهة عند المتضرر . وقد تقدم عند قوله تعالى ( إن كيدكن عظيم ) في سورة يوسف .
وإنما قيد كيده بما بعد انصراف المخاطبين إشارة إلى أنه يلحق الضر بالأصنام في أول وقت التمكن منه وهذا من عزمه " عليه السلام " لأن المبادرة في تغيير المنكر مع كونه باليد مقام عزم وهو لا يتمكن من ذلك مع حضور عبدة الأصنام فلو حاول كسرها بحضرتهم لكان عمله باطلا والمقصود من تغيير المنكر : إزالته بقدر الإمكان ولذلك فإزالته باليد لا تكون إلا مع المكنة .
( ومدبرين ) حال مؤكدة لعاملها . وقد تقدم نظيره غير مرة منها عند قوله تعالى ( ثم وليتم مدبرين ) في سورة براءة .
( فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون [ 58 ] قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين [ 59 ] قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم [ 60 ] قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون [ 61 ] ) الضميران البارزان في ( جعلهم ) وفي ( لهم ) عائدان إلى الأصنام بتنزيلها منزلة العاقل وضمير ( لعلهم ) عائد إلى قوم إبراهيم والقرينة تصرف الضمائر المتماثلة إلى مصارفها مثل ضميري الجمع في قوله تعالى ( وعمروها أكثر مما عمروها ) .
والجذاذ " بضم الجيم " في قراءة الجمهور : اسم جمع جذاذة وهي فعالة من الجذ وهو القطع مثل قلامة وكناسة أي كسرهم وجعلهم قطعا . وقرأ الكسائي " جذاذا " " بكسر الجيم " على أنه مصدر فهو من الإخبار بالمصدر للمبالغة .
قيل : كانت الأصنام سبعين صنما مصطفة ومعها صنم عظيم وكان هو مقابل باب بيت الأصنام وبعد أن كسرها جعل الفأس في رقبة الصنم الأكبر استهزاء بهم .
ومعنى ( لعلهم إليه يرجعون ) رجاء أن يرجع الأقوام إلى استشارة الصنم الأكبر ليخبرهم بمن كسر بقية الأصنام لأنه يعلم أن جهلهم يطمعهم في استشارة الصنم الكبير . ولعل المراد استشارة سدنته ليخبروهم بما يتلقونه من وحيه المزعوم .
وضمير ( لهم ) عائد إلى الأصنام من قوله ( أصنامكم ) . وأجري على الأصنام ضمير جمع العقلاء محاكاة لمعنى كلام إبراهيم لأن قومه يحسبون الأصنام عقلاء . ومثله ضمائر قوله بعده ( بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون )