وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( من قبل ) أي قبل أن نوتي موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا . ووجه ذكر هذه القبيلة التنبيه على أن ما وقع إيتاء الذكر موسى وهارون إلا لأن شريعتهما لم تزل معروفة مدروسة .
و ( إذ قال ) ظرف لفعل ( آتينا ) أي كان إيتاؤه الرشد حين قال لأبيه وقومه " ما هذه التماثيل " الخ فذلك هو الرشد الذي أوتيه أي حين نزل الوحي إليه بالدعوة إلى توحيد الله تعالى فذلك أول ما بدئ به الوحي .
وقوم إبراهيم كانوا من " الكلدان " وكان يسكن بلدا يقال له " كوثى " بمثلثة في آخره بعدها ألف . وهي المسماة في التوراة " أور الكلدان " ويقال : أيضا إنها " أورفة " في " الرها " ثم سكن هو وأبوه وأهله " حاران " وحاران هي " حران " وكانت بعد من بلاد الكلدان كما هو مقتضى الإصحاح 12 من التكوين لقوله فيه ( اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك ) , ومات أبوه في " حاران " كما في الإصحاح 11 من التكوين فيتعين أن دعوة إبراهيم كانت من " حاران " لأنه من حاران خرج إلى أرض كنعان . وقد اشتهر حران بأنه بلد الصابئة وفيه هيكل عظيم للصابئة وكان قوم إبراهيم صابئة يعبدون الكواكب ويجعلون لها صورا مجسمة .
A E والاستفهام في قوله تعالى ( ما هذه التماثيل ) يتسلط على الوصف في قوله تعالى ( التي أنتم لها عاكفون ) فكأنه قال : ما عبادتكم هذه التماثيل ؟ . ولكنه صيغ بأسلوب توجه الاستفهام إلى ذات التماثيل لإبهام السؤال عن كنه التماثيل في بادئ الكلام إيماء إلى عدم الملاءمة بين حقيقتها المعبر عنها بالتماثيل وبين وصفها بالمعبودية المعبر عنه بعكوفهم عليها . وهذا من تجاهل العارف استعمله تمهيدا لتخطئتهم بعد أن يسمع جوابهم فهم يظنونه سائلا مستعلما ولذلك أجابوا سؤاله بقولهم ( وجدنا آباءنا لها عابدين ) ؛ فإن شأن السؤال بكلمة ( ما ) أنه لطلب شرح ماهية المسؤول عنه .
والإشارة إلى التماثيل لزيادة كشف معناها الدال على انحطاطها عن رتبة الألوهية . والتعبير عنها بالتماثيل يسلب عنها الاستقلال الذاتي .
والأصنام التي كان يعبدها الكلدان قوم إبراهيم هي ( بعل ) وهو أعظمها وكان مصوغا من ذهب وهو رمز الشمس في عهد سميرميس وعبدوا رموزا للكواكب ولا شك أنهم كانوا يعبدون أصنام قوم نوح : ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا إما بتلك الأسماء وإما بأسماء أخرى . وقد دلت الآثار على أن من أصنام أشور " إخوان الكلدان " صنما اسمه " نسروخ " وهو نسر لا محالة .
وجعل العكوف مسندا إلى ضميرهم مؤذن بأن إبراهيم لم يكن من قبل مشاركا لهم في ذلك فيعلم منه أنه في مقام الرد عليهم ذلك أن الإتيان بالجملة الاسمية في قوله تعالى ( أنتم لها عاكفون ) فيه معنى دوامهم على ذلك .
وضمن ( عاكفون ) معنى العبادة فلذلك عدي باللام لإفادة ملازمة عبادتها .
وجاءوا في جوابه بما توهموا إقناعه به وهو أن عبادة تلك الأصنام كانت من عادة آبائهم فحسبوه مثلهم يقدس عمل الآباء ولا ينظر في مصادفته الحق ولذلك لم يلبث أن أجابهم : ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ) مؤكدا ذلك بلام القسم .
وفي قوله تعالى ( كنتم في ضلال ) من اجتلاب فعل الكون وحرف الظرفية إيماء إلى تمكنهم من الضلال وانغماسهم فيه لإفادة أنه ضلال بواح لا شبهة فيه وأكد ذلك بوصفه ب ( مبين ) . فلما ذكروا له آباءهم شركهم في التخطئة بدون هوادة بعطف الآباء عليهم في ذلك ليعلموا أنهم لا عذر لهم في اتباع آبائهم ولا عذر لآبائهم في سن ذلك لهم لمنافاة حقيقة تلك الأصنام لحقيقة الألوهية واستحقاق العبادة .
ولإنكارهم أن يكون ما عليه آباؤهم ضلالا وإيقانهم أن آباءهم على الحق سكوا في حال إبراهيم أنطق عن جد منه وأن ذلك اعتقاده فقالوا ( أجئتنا بالحق ) فعبروا عنه ( بالحق ) المقابل للعب وذلك مسمى الجد . فالمعنى : بالحق في اعتقادك أم أردت به المزح فاستفهموا وسألوه ( أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ) . والباء للمصاحبة . والمراد باللعب هنا لعب القول وهو المسمى مزحا وأرادوا بتأويل كلامه بالمزح التلطف معه وتجنب نسبته إلى الباطل استجلابا لخاطره لما رأوا من قوة حجته .
وعدل عن الإخبار عنه بوصف لاعب إلى الإخبار بأنه من زمرة اللاعبين مبالغة في توغل كلامه ذلك في باب المزح بحيث يكون قائله متمكنا في اللعب ومعدودا من الفريق الموصوف باللعب