وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووصف القرآن بالمبارك يعم نواحي الخير كلها لأن البركة زيادة الخير ؛ فالقرآن كله خير من جهة بلاغة ألفاظه وحسنها وسرعة حفظه وسهولة تلاوته وهو أيضا خير لما اشتمل عليه من أفنان الكلام والحكمة والشريعة واللطائف البلاغية وهو في ذلك كله آية على صدق الذي جاء به لأن البشر عجزوا عن الإتيان بمثله وتحداهم النبي A بذلك فما استطاعوا . وبذلك اهتدت به أمم كثيرة في جميع الأزمان وانتفع به من آمنوا به وفريق ممن حرموا الإيمان . فكان وصفه بأنه مبارك وافيا على وصف كتاب موسى " عليه السلام " بأنه فرقان وضياء .
وزاده تشريفا بإسناد إنزاله إلى ضمير الجلالة . وجعل الوحي إلى الرسول إنزالا لما يقتضيه الإنزال من رفعة القدر إذ اعتبر مستقرا في العالم العلوي حتى أنزل إلى هذا العالم .
وفرع على هذه الأوصاف العظيمة استفهام توبيخي تعجيبي من إنكارهم صدق هذا الكتاب ومن استمرارهم على ذلك الإنكار بقوله تعالى ( أفأنتم له منكرون ) . ولكون إنكارهم صدقه حاصلا منهم في حال الخطاب جيء بالجملة الاسمية ليتأتى جعل المسند اسما دالا على الاتصاف في زمن الحال وجعل الجملة دالة على الثبات في الوصف وفاء بحق بلاغة النظم .
A E ( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين [ 51 ] إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون [ 52 ] قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين [ 53 ] قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين [ 54 ] قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين [ 55 ] قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين [ 56 ] وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين [ 57 ] ) أعقبت قصة موسى وهارون بقصة إبراهيم فيما أوحي إليه من مقاومة الشرك ووضوح الحجة على بطلانه لأن إبراهيم كان هو المثل الأول قبل مجيء الإسلام في مقاومة الشرك إذ قاومه بالحجة وبالقوة وبإعلان التوحيد إذ أقام للتوحيد هيكلا بمكة هو الكعبة وبجبل " نابو " من بلاد الكنعانيين حيث كانت مدينة تسمى يومئذ " لوزا " ثم بنى بيت أيل بالقرب من موضع مدينة " أورشليم " في المكان الذي أقيم به هيكل سليمان من بعد فكانت قصة إبراهيم مع قومه شاهدا على بطلان الشرك الذي كان مماثلا لحال المشركين بمكة الذين جاء محمد A لقطع دابره . وفي ذكر قصة إبراهيم تورك على المشركين من أهل مكة إذ كانوا على الحالة التي نعاها جدهم إبراهيم على قومه وكفى بذلك حجة عليهم . وأيضا فإن شريعة إبراهيم أشهر شريعة بعد شريعة موسى .
وتأكيد الخبر عنه بلام القسم للوجه الذي بيناه آنفا في تأكيد الخبر عن موسى وهارون وهو تنزيل العرب في مخالفتهم لشريعة أبيهم إبراهيم منزلة المنكر لكون إبراهيم أوتي رشدا وهديا .
وكذلك الإخبار عن إيتاء الرشد إبراهيم بإسناد الإيتاء إلى ضمير الجلالة لمثل ما قرر في قصة موسى وهارون للتنبيه على تفخيم ذلك الرشد الذي أوتيه .
والرشد : الهدى والرأي الحق وضده الغي . وتقدم في قوله تعالى ( قد تبين الرشد من الغي ) في سورة البقرة . وإضافة ( الرشد ) إلى ضمير إبراهيم من إضافة المصدر إلى مفعوله أي الرشد الذي أرشده . وفائدة الإضافة هنا التنبيه على عظم شأن هذا الرشد أي رشدا يليق به ولأن رشد إبراهيم قد كان مضرب الأمثال بين العرب وغيرهم أي هو الذي علمتم سمعته التي طبقت الخافقين فما ظنكم برشد أوتيه من جانب الله تعالى فإن الإضافة لما كانت على معنى اللام كانت مفيدة للاختصاص فكأنه انفرد به . وفيه إيماء إلى أن إبراهيم كان قد انفرد بالهدى بين قومه .
وزاده تنويها وتفخيما تذييله بالجملة المعترضة قوله تعالى ( وكنا به عالمين ) أي آتيناه رشدا عظيما على علم منا بإبراهيم أي بكونه أهلا لذلك الرشد وهذا العلم الإلهي متعلق بالنفسية العظيمة التي كان بها محل ثناء الله تعالى عليه في مواضع كثيرة من قرآنه أي علم من سريرته صفات قد رضيها وأحمدها فاستأهل بها اتخاذه خليلا . وهذا كقوله تعالى ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) وقوله تعالى ( الله أعلم حيث يجعل رسالاته ) ,