وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذهب مجاهد وقتادة والضحاك وروي عن ابن عباس أيضا أن الميزان الواقع في القرآن مثل للعدل في الجزاء كقوله ( والوزن يومئذ الحق ) في سورة الأعراف ومال إليه الطبري . قال في الكشاف : " الموازين الحساب السوي والجزاء على الأعمال بالنصفة من غير أن يظلم أحد " اه .
أي فهو مستعار للعدل في الجزاء لمشابهته للميزان في ضبط العدل في المعاملة كقوله تعالى ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) .
والوضع : ترشيح ومستعار للظهور .
وذهب الأشاعرة إلى أخذ الميزان على ظاهره .
وللمعتزلة في ذلك قولان ففريق قالوا : الميزان حقيقة وفريق قالوا : هو مجاز . وقد ذكر القولين في الكشاف فدل صنيعه على أن القولين جاريان على أقوال أئمتهم وصرح به في تقرير المواقف .
A E وفي المقاصد : " ونسبة القول بانتفاء حقيقة الميزان إلى المعتزلة على الإطلاق قصور من بعض المتكلمين " اه .
قلت : لعله أراد به النسفي في عقائده .
قال أبو بكر بن العربي في كتاب " العواصم من القواصم " : " انفرد القرآن بذكر الميزان وتفردت السنة بذكر الصراط والحوض فلما كان هذا الأمر هكذا اختلف الناس في ذلك فمنهم من قال إن الأعمال توزن حقيقة في ميزان له كفتان وشاهين وتجعل في الكفتين صحائف الحسنات والسيئات ويخلق الله الاعتماد فيها على حسب علمه بها . ومنهم من قال إنما يرجع الخبر عن الوزن إلى تعريف الله العباد بمقادير أعمالهم . ونقل الطبري وغيره عن مجاهد أنه كان يميل إلى هذا .
وليس بممتنع أن يكون الميزان والوزن على ظاهره وإنما يبقى النظر في كيفية وزن الأعمال وهي أعراض فها هنا يقف من وقف ويمشي على هذا من مشى . فمن كان رأيه الوقوف فمن الأول ينبغي أن يقف ومن أراد المشي ليجدن سبيلا مئتاء إذ يجد ثلاثة معان ميزانا ووزنا وموزونا فإذا مشى في طريق الميزان والوزن ووجده صحيحا في كل لفظة حتى إذا بلغ تمييز الموزون ولم يتبين له لا ينبغي أن يرجع القهقري فيبطل ما قد أثبت بل يبقي ما تقدم على حقيقته وصحته ويسعى في تأويل هذا وتبيينه اه .
وقلت : كلا القولين مقبول والكل متفقون على أن أسماء أحوال الآخرة إنما هي تقريب لنا بمتعارفنا والله تعالى قادر على كل شيء . وليس مثل هذه المباحث تعرف قدرة الله تعالى ولا بالقياس على المعتاد المتعارف تجحد تصرفاته تعالى .
ويظهر لي أن التزام صيغة جمع الموازين في الآيات الثلاث التي ذكر فيها الميزان يرجح أن المراد بالوزن فيها معناه المجازي وأن بيانه بقوله ( القسط ) في هذه الآية يزيد ذلك ترجيحا .
وتقدم ذكر الوزن في قوله تعالى ( والوزن يومئذ الحق ) في سورة الأعراف .
والقسط : العدل ويقال : القسطاس وهو كلمة معربة من اللغة الرومية ( اللاطينية ) . وقد نقل البخاري في آخر صحيحه ذلك عن مجاهد .
فعلى اعتبار جعل الموازين حقيقة في آلات وزن في الآخرة يكون لفظ القسط الذي هو مصدر بمعنى العدل للموازين على تقدير مضاف أي ذات القسط . وعلى اعتبار في الموازين في العدل يكون لفظ القسط بدلا من الموازين فيكون تجريدا بعد الترشيح . ويجوز أن يكون مفعولا لأجله فإنه مصدر صالح لذلك .
واللام في قوله تعالى ( ليوم القيامة ) تحتمل أن تكون للعلة مع تقدير مضاف أي لأجل يوم القيامة أي الجزاء في يوم القيامة وتحتمل أن تكون للتوقيت بمعنى ( عند ) التي هي للظرفية الملاصقة كما يقال : كتب لثلاث خلون من شهر كذا وكقوله تعالى ( فطلقوهن لعدتهن ) أي نضع الموازين عند يوم القيامة .
وتفريع ( فلا تظلم نفس شيئا ) على وضع الموازين تفريع العلة على المعلول أو المعلول على العلة . والظلم : ضد العدل ولذلك فرع نفيه على إثبات وضع العدل, و ( شيئا ) منصوب على المفعولية المطلقة أي شيئا من الظلم .
ووقوعه في سياق النفي دل على تأكيد العموم أي شيئا من الظلم . ووقوعه في سياق النفي دل على تأكيد العموم من فعل ( تظلم ) الواقع أيضا في سياق النفي أي لا تظلم بنقص من خير استحقته ولا بزيادة شيء لم تستحقه فالظلم صادق بالحالين والشيء كذلك .
وهذه الجملة كلمة جامعة لمعان عدة مع إيجاز لفظها فنفي جنس الظلم ونفي عن كل نفس فأفاد أن لا بقاء لظلم بدون جزاء