وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بهذا الفتون خوف موسى من عقاب فرعون وخروجه من البلد المذكور في قوله تعالى ( فأصبح في المدينة خائفا يترقب ) إلى قوله ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ) .
وذكر الفتون بين تعداد المنن إدماج للإعلام بأن الله لم يمهل دم القبطي الذي قتله موسى فإنه نفس معصومة الدم إذ لم يحصل ما يوجب قتله لأنهم لم ترد إليهم دعوة إلهية حينئذ فحين أنجى الله موسى من المؤاخذة بدمه في شرع فرعون ابتلى موسى بالخوف والغربة عتابا له على إقدامه على قتل النفس كما قال في الآية الأخرى ( قال هذا عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له ) . وعباد الله الذين أراد بهم خيرا ورعاهم بعنايته يجعل لهم من كل حالة كمالا يكسبونه ويسمى مثل ذلك بالابتلاء فكان من فتون موسى بقضية القبطي أن قدر له الخروج إلى أرض مدين ليكتسب رياضة نفس وتهيئة ضمير لتحمل المصاعب ويتلقى التهذيب من صهره الرسول شعيب " عليه السلام " . ولهذا المعنى عقب ذكر الفتون بالتفريع في قوله ( فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى ) فبين له كيف كانت عاقبة الفتون .
أو يكون الفتون مشتركا بين محمود العاقبة وضده مثل الابتلاء في قوله ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) أي واختبرناك اختبارا . والاختبار : تمثيل لحال تكليفه بأمر التبليغ بحال من يختبر ولهذا اختير هنا دون الفتنة .
وأهل مدين : قوم شعيب ومدين : اسم أحد أبناء إبراهيم " عليه السلام " سكنت ذريته في موطن تسمى الأيكة على شاطئ البحر الأحمر جنوب عقبة أيلة وغلب اسم القبيلة على الأرض وصار علما للمكان فمن ثم أضيف إليه ( أهل ) . وقد تقدم في سورة الأعراف .
ومعنى ( جئت ) حضرت لدينا . وهو حضوره بالواد المقدس لتلقي الوحي .
و ( على ) للاستعلاء المجازي بمعنى التمكن ؛ جعل مجيئه في الوقت الصالح للخير بمنزلة المستعلي على ذلك الوقت المتمكن منه .
والقدر : تقدير الشيء على مقدار مناسب لما يريد المقدر بحيث لم يكن على سبيل المصادفة فيكون غير ملائم أو في ملاءمته خلل قال النابغة : .
فريع قلبي وكانت نظرة عرضت ... يوما وتوفيق أقدار لأقدار أي موافقة ما كنت أرغبه .
فقوله ( ثم جئت على قدر ) يفيد أن ما حصل لموسى من الأحوال كان مقدرا من الله تقديرا مناسبا متدرجا بحيث تكون أعماله وأحواله قد قدرها الله وحددها تحيدا منظما لأجل اصطفائه وما أراد الله من إرساله فالقدر هنا كناية عن العناية بتدبير إجراء أحواله على ما يسفر عن عاقبة الخير .
فهذا تقدير خاص وهو العناية بتدرج أحواله إلى أن بلغ الموضع الذي كلمه الله منه .
وليس المراد القدر العام الذي قدره الله لتكوين جميع الكائنات فإن ذلك لا يشعر بمزية لموسى " عليه السلام " . وقد انتبه إلى هذا المعنى جرير بذوقه السليم فقال في مدح عمر بن عبد العزيز : .
أتى الخلافة إذ كانت له قدرا ... كما أتى ربه موسى على قدر A E ومن هنا ختم الامتنان بما هو الفذلكة وذلك جملة ( واصطنعتك لنفسي ) الذي هو بمنزلة رد العجز على الصدر على قوله ( ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك ) الآية وهو تخلص بديع إلى الغرض المقصود وهو الخطاب بأعمال الرسالة المبتدأ من قوله ( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ) ومن قوله ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) .
والاصطناع : صنع الشيء باعتناء : واللام للأجل أي لأجل نفسي . والكلام تمثيل لهيئة الاصطفاء لتبليغ الشريعة بهيئة من يصطنع شيئا لفائدة نفسه فيصرف فيه غاية إتقان صنعه .
( اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري [ 42 ] )