وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي تأكيده ذلك بالتعليق على مشيئة الله " استعانة به وحرصا على تقدم التيسير تأدبا مع الله " إيذان بأن الصبر والطاعة من المتعلم الذي له شيء من العلم أعسر من صبر وطاعة المتعلم الساذج لأن خلو ذهنه من العلم لا يحرجه من مشاهدة الغرائب . إذ ليس في ذهنه من المعارف ما يعارض قبولها فالمتعلم الذي له نصيب من العلم وجاء طالبا الكمال في علومه إذا بدا له من علوم أستاذه ما يخالف ما تقرر في علمه يبادر إلى الاعتراض والمنازعة . وذلك قد يثير النفرة بينه وبين أستاذ فلتجنب ذلك خشي الخضر أن يلقى من موسى هذه المعاملة فقال له ( إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) فأكد له موسى أنه يصبر ويطيع أمره إذا أمره . والتزام موسى ذلك مبني على ثقته بعصمة متبوعه لأن الله أخبره بأنه آتاه علما .
والفاء في قوله ( فإن اتبعتني ) تفريع على وعد موسى إياه بأنه يجده صابرا ففرع على ذلك نهيه عن السؤال عن شيء مما يشاهده من تصرفاته حتى يبينه له من تلقاء نفسه .
وأكد النهي بحرف التوكيد تحقيقا لحصول أكمل أحوال المتعلم مع المعلم لأن السؤال قد يصادف وقت اشتغال المسؤول بإكمال عمله فتضيق له نفسه فربما كان الجواب عنه بدون شره نفس . وربما خالطه بعض القلق فيبكون الجواب غير شاف . فأراد الخضر أن يتولى هو بيان أعماله في الإبان الذي يراه مناسبا ليكون البيان أبسط والإقبال أبهج فيزيد الاتصال بين القرينين .
والذكر . هنا : ذكر اللسان . وتقدم عند قوله تعالى ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي ) في سورة البقرة . أعني بيان العلل والتوجيهات وكشف الغوامض .
وإحداث الذكر : إنشاؤه وإبرازه كقول ذي الرمة : .
" أحدتنا لخالقها شكرا وقرأ نافع ( فلا تسألني ) " بالهمز وبفتح اللام وتشديد النون " على أنه مضارع سأل المهموز مقترنا بنون التوكيد الخفيفة المدغمة في نون الوقاية وبإثبات ياء المتكلم .
وقرأ ابن عامر مثله . لكن بحذف ياء المتكلم . وقرأ البقية ( تسألني ) " بالهمز وسكون اللام وتخفيف النون " . وأثبتوا ياء المتكلم .
( فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا [ 71 ] ) أي فعقب تلك المحاورة أنهما انطلقا . والانطلاق : الذهاب والمشي مشتق من الإطلاق وهو ضد التقييد . لأن الدابة إذا حل عقالها مشت . فأصله مطاوع أطلقه .
و ( حتى ) غاية للانطلاق . أي إلى أن ركبا في السفينة .
و ( حتى ) ابتدائية . وفي الكلام إيجاز دل عليه قوله ( إذا ركبا في السفينة ) . أصل الكلام : حتى استأجرا سفينة فركباها فلما ركبا في السفينة خرقها .
وتعريف ( السفينة ) تعريف العهد الذهني مثل التعريف في قوله تعالى ( وأخاف أن يأكله الذئب ) .
و ( إذا ) ظرف للزمان الماضي هنا . وليست متضمنة معنى الشرط . وهذا التوقيت يؤذن بأخذه في خرق السفينة حين ركوبهما . وفي ذلك ما يشير إلى أن الركوب فيها كان لأجل خرقها لأن الشيء المقصود يبادر به قاصده لأنه يكون قد دبره وارتآه من قبل .
وبني نظم الكلام على تقديم الظرف على عامله للدلالة على أن الخرق وقع بمجرد الركوب في السفينة . لأن في تقديم الظرف اهتماما به فيدل على أن وقت الركوب مقصود لإيقاع الفعل فيه .
وضمن الركوب معنى الدخول لأنه ركوب مجازي . فلذلك عدي بحرف ( في ) الظرفية نظير قوله تعالى ( وقال اركبوا فيها ) دون نحو قوله ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها ) . وقد تقدم ذلك في سورة هود .
والخرق : الثقب والشق . وهو ضد الالتثام .
A E والاستفهام في ( أخرقتها ) للإنكار . ومحل الإنكار هو العلة بقوله ( لتغرق أهلها ) . لأن العلة ملازمة للفعل المستفهم عنه . ولذلك توجه أن يغير موسى " عليه السلام " هذا المنكر في ظاهر الأمر . وتأكيد إنكاره بقوله ( لقد جئت شيئا إمرا ) .
والإمر " بكسر الهمزة " : هو العظيم المفظع . يقال : أمر كفرح إمرا إذا كثر في نوعه . ولذلك فسره الراغب بالمنكر . لأن المقام دال على شيء ضار . ومقام الأنبياء في تغيير المنكر مقام شدة وصراحة . ولم يجعله نكرا كما في الآية بعدها لأن العمل الذي عمله الخضر ذريعة للغرق ولم يقع الغرق بالفعل