وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإنما رام موسى أن يعلم شيئا من العلم الذي خص الله به الخضر لأن الازدياد من العلوم النافعة هو من الخير . وقد قال الله تعالى تعليما لنبيه ( وقل رب زدني علما ) . وهذا العلم الذي أوتيه الخضر هو علم سياسة خاصة غير عامة تتعلق بمعينين لجلب مصلحة أو دفع مفسدة بحسب ما تهيئه الحوادث والأكوان لا بحسب ما يناسب المصلحة العامة . فلعل الله يسره لنفع معينين من عنده كما جعل محمدا A رحمة عامة لكافة الناس ومن هنا فارق سياسة التشريع العامة . ونظيره معرفة النبي A أحوال بعض المشركين والمنافقين وتحققه أن أولئك المشركين لا يؤمنون وهو مع ذلك يدعوهم دوما إلى الإيمان وتحققه أن أولئك المنافقين غير مؤمنين وهو يعاملهم معاملة المؤمنين وكان حذيفة بن اليمان يعرفهم بأعيانهم بإخبار النبي A إياه بهم .
وقرأ الجمهور ( رشدا ) " بضم الراء وسكون الشين " . وقرأ أبو عمرو ويعقوب " بفتح الراء وفتح الشين " مثل اللفظين السابقين وهما لغتان كما تقدم .
وأكد جملة ( إنك لن تستطيع معي صبرا ) بحرف ( إن ) وبحرف ( لن ) تحقيقا لمضمونها من توقع ضيق ذرع موسى عن قبول ما يبديه إليه لأنه علم أنه تصدر منه أفعال ظاهرها المنكر وباطنها المعروف . ولما كان موسى " عليه السلام " من الأنبياء الذين أقامهم الله لإجراء الأحكام على الظاهر علم أنه سينكر ما يشاهده من تصرفاته لاختلاف المشربين لأن الأنبياء لا يقرون المنكر .
وهذا تحذير منه لموسى وتنبيه على ما يستقبله منه حتى يقدم على متابعته إن شاء على بصيرة وعلى غير اغترار وليس المقصود منه الإخبار . فمناط التأكيدات في جملة ( إنك لن تستطيع معي صبرا ) إنما هو تحقيق خطورة أعماله وغرابتها في المتعارف بحيث لا تتحمل ولو كان خبرا على أصله لم يقبل فيه المراجعة ولم يجبه موسى بقوله ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) .
وفي هذا أصل من أصول التعليم أن ينبه المعلم المتعلم بعوارض موضوعات العلوم الملقنة لا سيما إذا كانت في معالجتها مشقة .
وزادها تأكيدا عموم الصبر المنفي لوقوعه نكرة في سياق النفي وأن المنفي استطاعته الصبر المفيد أنه لو تجشم أن يصبر لم يستطيع ذلك . فأفاد هذا التركيب نفي حصول الصبر منه في المستقبل على آكد وجه .
وزيادة ( معي ) إيماء إلى أنه يجد من أعماله ما لا يجد مثله مع غيره فانتفاء الصبر على أعماله أجدر .
وجملة ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) في موضع الحال من اسم ( إن ) أو من ضمير ( تستطيع ) . فالواو واو الحال وليست واو العطف لأن شأن هذه الجملة أن لا تعطف على التي قبلها لأن بينهما كمال الاتصال إذ الثانية كالعلة للأولى . وإنما أوثر مجيئها في صورة الجملة الحالية دون أن تفصل عن الجملة الأولى فتقع علة مع أن التعليل هو المراد . للتنبيه على أن مضمونها علة ملازمة لمضمون التي قبلها إذ هي حال من المسند إليه في الجملة قبلها .
و ( كيف ) للاستفهام الإنكاري في معنى النفي أي وأنت لا تصبر على ما لم تحط به خبرا .
والخبر " بضم الخاء وسكون الباء " : العلم . وهو منصوب على أنه تمييز لنسبة الإحاطة في قوله ( ما لم تحط به ) أي إحاطة من حيث العلم .
A E والإحاطة : مجاز في التمكن تشبيها لقوة تمكن الاتصاف بتمكن الجسم المحيط بما أحاط به .
وقوله ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) أبلغ في ثبوت الصبر من نحو : سأصبر لأنه يدل على حصول صبر ظاهر لرفيقه ومتبوعه . وظاهر أن متعلق الصبر هنا هو الصبر على ما من شانه أن يثير الجزع أو الضجر من تعب في المتابعة ومن مشاهدة ما لا يتحمله إدراكه ومن ترقب بيان الأسباب والعلل والمقاصد .
ولما كان هذا الصبر الكامل يقتضي طاعة الآمر فيما يأمره به عطف عليه ما يفيد الطاعة إبلاغا في الاتسام بأكمل أحوال طالب العلم .
فجملة ( ولا أعصي لك أمرا ) معطوفة على جملة ( ستجدني ) أو هو من عطف الفعل على الاسم المشتق عطفا على ( صابرا ) فيؤول بمصدر أي وغير عاص . وفي هذا دليل على أن أهم ما يتسم به طالب العلم هو الصبر والطاعة للمعلم