وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولأن هذه السورة نزلت بسبب ما سأل المشركون والذين أملوا عليهم من أهل الكتاب عن قصتين قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين . وقد تقضى الجواب عن القصة الأولى وما ذيلت به وآن أن ينتقل إلى الجواب عن القصة الثانية فتختم بذلك هذه السورة التي أنزلت لبيان القصتين . قدمت لهذه القصة الثانية قصة لها شبه بها في أنها تطواف في الأرض لطلب نفع صالح . وهي قصة سفر موسى " عليه السلام " لطلب لقاء من هو على علم لا يعلمه موسى . وفي سوق هذه القصة تعريض بأهل الكتاب بأن الأولى لهم أن يدلوا الناس على أخبار أنبياء إسرائيل وعلى سفر لأجل تحصيل العلم والحكمة لا سفر لأجل بسط الملك والسلطان .
فجملة ( وإذ قال موسى ) معطوفة على جملة ( وإذ قلنا للملائكة ) عطف القصة على القصة . والتقدير : واذكر إذ قال موسى لفتاه أي اذكر ذلك الزمن وما جرى فيه . وناسبها تقدير فعل ( اذكر ) لأن في هذه القصة موعظة وذكرى كما في قصة خلق آدم .
فانتصب ( إذ ) على المفعولية به .
والفتى : الذكر الشاب والأنثى فتاة وهو مستعمل مجازا في التابع والخادم . وتقدم عند قوله تعالى ( تراود فتاها ) في سورة يوسف .
وفتى موسى : خادمه وتابعه فإضافة الفتى إلى ضمير موسى على معنى الاختصاص كما يقال : غلامه . وفتى موسى هو يوشع بن نون من سبط أفرايم . وقد قيل : إنه ابن أخت موسى كان اسمه الأصلي هوشع فدعاه موسى حين بعثه للتجسس في أرض كنعان يوشع . ولعل ذلك التغير في الاسم تلطف به كما قال رسول الله A لأبي هريرة يا أبا هر . وفي التوراة : أن إبراهيم كان اسمه أبرام فلما أمره الله بخصال الفطرة دعاه إبراهام .
ولعل هذه التغييرات في العبرانية تفيد معاني غير معاني الأسماء الأولى فتكون كما دعا النبي A زيد الخيل زيد الخير .
ويوشع أحد الرجال الاثني عشر الذين بعثهم موسى " عليه السلام " ليتجسسوا في أرض كنعان في جهات حلب وحبرون ويختبروا بأس أهلها وخيرات أرضها ومكثوا أربعين يوما في التجسس . وهو أحد الرجلين اللذين شجعا بني إسرائيل على دخول أرض طنعان اللذين ذكرهما القرآن في آية ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) .
A E كان ميلاد يوشع في حدود سنة 1463 قبل المسيح ووفاته في حدود سنة 1353 وعمر مائة وعشر سنين . وكان موسى " عليه السلام " قد قربه إلى نفسه واتخذه تلميذا وخادما ومثل ذلك الاتخاذ يوسف صاحبه بمثل فتى أو غلام . ومنه وصفهم الإمام محمد بن عبد الواحد المطرز النحوي اللغوي غلام ثعلب لشدة اتصاله بالإمام أحمد بن يحيى الشيباني الملقب بثعلب .
وكان يوشع أحد الرجلين الذين عهد إليهما موسى " عليه السلام " بأن يقسما الأرض بين أسباط بني إسرائيل بعد موسى " عليه السلام " . وأمر الله موسى بأن يعهد إلى يوشع بتدبير أمر الأمة الإسرائيلية بعد وفاة موسى " عليه السلام " فعهد إليه موسى بذلك فصار نبيا من يومئذ . ودبر أمر الأمة بعد موسى سبعا وعشرين سنة . وكتاب يوشع هو أول كتب الأنبياء بعد موسى " عليه السلام " .
وابتدئت القصة بحكاية كلام موسى " عليه السلام " المقتضي تصميما على أن لا يزول عما هو فيه أي لا يشتغل بشيء آخر حتى يبلغ مجمع البحرين ابتداء عجيبا في باب الإيجاز فإن قوله ذلك يدل على أنه كان في عمل نهايته البلوغ إلى مكان فعلم أن ذلك العمل هو سير سفر .
ويدل على أن فتاة استعظم هذه الرحلة وخشي أن تنالهما فيها مشقة تعوقهما عن إتمامها . أو هو بحيث يستعظمها للعلم بأنها رحلة بعيدة وذلك شأن أسباب الأمور المهمة ويدل على أن المكان الذي يسير إليه مكان يجد عنده مطلبه .
و ( أبرح ) مضارع برح بكسر الراء بمعنى زال يزول . وتقدم في سورة يوسف " عليه السلام " . واستعير ( لا أبرح ) لمعنى : لا أترك أولا أكف عن السير حتى أبلغ مجمع البحرين . ويجوز أن يكون مضارع برح الذي هو فعل ناقص لا يستعمل ناقصا إلا مع النفي ويكون الخبر محذوفا بقرينة الكلام أي لا أبرح سائرا . وعن الرضي أن حذف خبرها قليل .
وحذف ذكر الغرض الذي سار لأجله موسى " عليه السلام " لأنه سيذكر بعد وهو حذف إيجاز وتشويق . له موقع عظيم في حكاية القصة لإخراجها عن مطروق القصص إلى أسلوب بديع الحكم والأمثال قضاء لحق بلاغة الإعجاز