وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والوجه في نظم الآية أن يكون ( الغفور ) نعتا للمبتدأ ويكون ( ذو الرحمة ) هو الخبر لأنه المناسب للمقام ولما بعده من جملة ( لو يؤاخذهم ) فيكون ذكر ( الغفور ) إدماجا في خلال المقصود . فخص بالذكر من أسماء الله تعالى اسم ( الغفور ) تعريضا بالترغيب في الاستغفار .
والغفور : اسم يتضمن مبالغة الغفران لأنه واسع المغفرة إذ يغفر لمن لا يحصون ويغفر ذنوبا لا تحصى إن جاءه عبده تائبا منكسرا على أن إمهاله الكفار والعصاة هو أيضا من أثر المغفرة إذ هو مغفرة مؤقتة .
وأما قوله ( ذو الرحمة ) فهو المقصود تمهيدا لجملة ( لو يؤاخذهم بما كسبوا ) فلذلك كانت تلك الجملة بيانا لجملة ( وربك الغفور الرحمة ) باعتبار الغفور الخبر وهو الوصف الثاني .
والمعنى : أنهم فيما كسبوه من الشرك والعناد أحرياء بتعجيل العقوبة ولكن الله يمهلهم إلى أمد معلوم مقدر . وفي ذلك التأجيل رحمة بالناس بتمكين بعضهم من مهلة التدارك وإعادة النظر وفيه استبقاؤهم على حالهم زمنا .
فوصف ( ذو الرحمة ) يساوي وصف ( الرحيم ) لأن ( ذو ) رسوخ النسبة بين موصوفها وما تضاف إليه .
وإنما عدل عن وصف ( الرحيم ) إلى ( ذو الرحمة ) للتنبيه على أنه لا نعت تنبيها بطريقة تغيير الأسلوب فإن اسم ( الرحيم ) صار شبيها بالأسماء الجامدة لأنه صيغ بصيغة الصفة المشبهة فبعد عن ملاحظة الاشتقاق فيه واقترب من صنف الصفة الذاتية .
و ( بل ) للإضراب الإبطالي عن مضمون جواب ( لو ) أي لم يعجل لهم العذاب إذ لهم موعد للعذاب متأخر وهذا تهديد بما يحصل لهم يوم بدر .
والموئل : مفعل من وأل بمعنى لجأ فهو اسم مكان بمعنى الملجأ .
وأكد النفي ب ( لن ) ردا على إنكارهم إذ هم يحسبون أنهم مفلتون من العذاب حين يرون أنه تأخر مدة طويلة أي لأن لا ملجأ لهم من العذاب دون وقت وعده أو مكان وعده فهو ملجؤهم . وهذا من تأكيد الشيء بما يشبه ضده أي هم غير مفلتين منه .
( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا [ 59 ] ) A E بعد أن أزيل غرورهم بتأخر العذاب وأبطل الإفلات منه ببيان أن ذلك إمهال من أثر رحمة الله بخلقه . ضرب لهم المثل في ذلك بحال أهل القرى السالفين الذين أخر عنهم العذاب مدة ثم لم ينجوا منه بأخرة فالجملة معطوفة على جملة ( بل لهم موعد ) .
والإشارة ب ( تلك ) إلى مقدر في الذهن وكاف الخطاب المتصلة باسم الإشارة لا يراد بها مخاطب ولكنها من تمام اسم الإشارة وتجري على ما يناسب حال المخاطب بالإشارة من واحد أو أكثر والعرب يعرفون ديار عاد وثمود ومدين ويسمعون بقوم لوط وقوم فرعون فكانت كالحاضرة حين الإشارة .
والظلم : الشرك وتكذيب الرسل . والمهلك " بضم الميم وفتح اللام " مصدر ميمي من ( أهلك ) أي جعلنا لإهلاكنا إياهم وقتا معينا في علمنا إذا جاء حل بهم الهلاك . وهذه قراءة الجمهور . وقرأه حفص عن عاصم " بفتح الميم وكسر اللام " على أنه اسم زمان على وزن مفعل . وقرأه أبو بكر عن عاصم " بفتح الميم وفتح اللام " على أنه مصدر ميمي لهلك .
( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا [ 60 ] ) لما جرى ذكر قصة خلق آدم وأمر الله الملائكة بالسجود له وما عرض للشيطان من الكبر والاعتزاز بعنصره جهلا بأسباب الفضائل ومكابرة في الاعتراف بها وحسدا في الشرف والفضل فضرب بذلك مثلا لأهل الضلال عبيد الهوى والكبر والحسد أعقب تلك القصة بقصة هي مثل في ضدها لأن تطلب ذي الفضل والكمال للازدياد منهما وسعيه للظفر بمن يبلغه الزيادة من الكمال اعترافا للفاضل بفضلته . وفي ذلك إبداء المقابلة بين الخلقين ولإقامة الحجة على المماثلة والمخالفة بين الفريقين المؤمنين والكافرين وفي خلال ذلك تعليم وتنويه بشأن العلم والهدى وتربية للمتقين