وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجعلوا قوله ( أو يأتيهم العذاب قبلا ) قسيما لقوله ( إلا أن تأتيهم سنة الأولين ) فحرف ( أو ) للتقسيم وفعل ( يأتيهم ) منصوب بالعطف على فعل ( أن تأتيهم سنة الأولين ) بالاستئصال المفاجئ أو يأتيهم العذاب مواجها لهم . وجعلوا ( قبلا ) حالا من ( العذاب ) أي مقابلا . قال الكلبي : وهو عذاب السيف يوم بدر . ولعله يريد أنه عذاب مقابلة وجها لوجه أي عذاب الجلاد بالسيوف . ومعناه : أن المشركين منهم من ذاق عذاب السيف في غزوات المسلمين ومنهم من مات فهو يرى عذاب الآخرة . وعلى هذا التفسير الذي سلكوه ينسلخ من الآية معنى التذييل وتقصر على معنى التهديد .
والإتيان : مجاز في الحصول في المستقبل لوجود ( أن ) المصدرية التي تخلص المضارع للاستقبال وهو استقبال نسبي فلكل أمة استقبال سنة من قبلها .
والسنة : العادة المألوفة في حال من الأحوال .
وإسناد منعهم الإيمان إلى إتيان سنة الأولين أو إتيان العذاب إسناد مجاز عقلي . والمراد : ما منعهم إلا سبب إتيان سنة الأولين لهم أو إتيان العذاب . وسبب ذلك هو التكبر والمكابرة والتمسك بالضلال أي أنه لا يوجد مانع يمنعهم الإيمان يخولهم المعذرة به ولكنهم جروا على سنن من قبلهم من الضلال . وهذا كناية عن انتفاء إيمانهم إلى أن يحل بهم أحد العذابين .
وفي هذه الكناية تهديد وإنذار وتحذير وحث على المبادرة بالاستغفار من الكفر . وهو في معنى قوله تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) .
و ( قبلا ) حال من العذاب . وهو " بكسر القاف وفتح الباء " في قراءة الجمهور بمعنى المقابل الظاهر . وقرأ حمزة وعاصم والكسائي وأبو جعفر وخلف ( قبلا ) " بضمتين " وهو جمع قبيل أي يأتيهم العذاب أنواعا .
( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا [ 56 ] ) A E بعد أن أشار إلى جدالهم في هدى القرآن بما مهد له من قوله ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) . وأشار إلى أن الجدال فيه مجرد مكابرة وعناد وأنه لا يحف بالقرآن ما يمنع من الإيمان به كما لم يحف بالهدى الذي أرسل إلى الأمم ما يمنعهم الإيمان به أعقب ذلك بأن وظيفة الرسل التبليغ بالبشارة والنذارة لا التصدي للمجادلة لأنها مجادلة لم يقصد منها الاسترشاد بل الغاية منها إبطال الحق .
والاستثناء من أحوال عامة محذوفة أي ما نرسل المرسلين في حال إلا في حال كونهم مبشرين ومنذرين . والمراد بالمرسلين جميع الرسل .
وجملة ( ويجادل الذين كفروا بالباطل ) عطف على جملة ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ) . وكلتا الجملتين مرتبط بجملتي ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) . وترتيب هذه الجمل في الذكر جار على ترتيب معانيها في النفس بحيث يشعر بأن كل واحدة منها ناشئ معناها على معنى التي قبلها فكانت جملة ( ويجادل الذين كفروا بالباطل ) مفيدة معنى الاستدراك أي أرسلنا الرسل مبشرين ومنذرين بما فيه مقنع لطالب الهدى ولكن الذين كفروا جادلوه بالباطل لإزالة الحق لا لقصد آخر . واختيار فعل المضارعة للدلالة على تكرر المجادلة أو لاستحضار صورة المجادلة .
والمجادلة تقدمت في قوله تعالى ( يجادلنا في قوم لوط ) في سورة هود .
والإدحاض : الإزلاق يقال : دحضت القدم إذا زلت وهو مجاز في الإزالة لأن الرجل إذا زلقت زالت عن موضع تخطيها قال تعالى ( فساهم فكان من المدحضين ) .
وجملة ( واتخذوا آياتي ) عطف على جملة ( ويجادل ) فإنهم ما قصدوا من المجادلة الاهتداء ولكن أرادوا إدحاض الحق واتخاذ الآيات كلها وبخاصة آيات الإنذار هزؤا .
والهزو : مصدر هزا أي اتخذوا ذلك مستهزأ به . والاستهزاء بالآيات هو الاستهزاء عند سماعها كما يفعلون عند سماع آيات الإخبار بالبعث وعند سماع آيات الوعيد والإنذار بالعذاب .
وعطف ( وما أنذروا ) على ( الآيات ) عطف خاص على عام لأنه أبلغ في الدلالة على توغل كفرهم وحماقة عقولهم .
( وما أنذروا ) مصدرية أي وإنذارهم والإخبار بالمصدر للمبالغة .
وقرأ الجمهور ( هزؤا ) بضم الزاي . وقرأه حمزة ( هزءا ) بسكون الزاي