وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عطف على جملة ( ولقد صرفنا في هذا القرآن ) الخ . ومعناها متصل تمام الاتصال بمعنى الجملة التي قبلها بحيث لو عطفت عليها بفاء التفريع لكان ذلك مقتضى الظاهر . وتعتبر جملة ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) معترضة بينهما أولا أن في جعل هذه الجملة مستقلة بالعطف اهتماما بمضمونها في ذاته بحيث يعد تفريعه على مضمون التي قبلها يحيد به عن الموقع الجدير هو به في نفوس السامعين إذ أريد أن يكون حقيقة مقررة في النفوس . ولهذه الخصوصية فيما أرى عدل في هذه الجملة عن الإضمار إلى الإظهار بقوله ( وما منع الناس ) وبقوله ( إذ جاءهم الهدى ) دون أن يقول : وما منعهم أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى قصدا لاستقلال الجملة بذاتها غير مستعانة بغيرها فتكون فائدة مستقلة تستأهل توجه العقول إلى وعيها لذاتها لا لأنها فرع على غيرها .
على أن عموم ( الناس ) هنا أشتمل من عموم لفظ ( الناس ) في قوله ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس ) فإن ذلك يعم الناس الذين يسمعون القرآن في أزمان ما بعد نزول تلك الآية وهذا يعم الناس كلهم الذين امتنعوا من الإيمان بالله .
وكذلك عموم لفظ ( الهدى ) يشمل هدى القرآن وما قبله من الكتب الإلهية وأقوال الأنبياء كلها فكانت هذه الجملة قياسا تمثيليا بشواهد التاريخ وأحوال تلقي الأمم دعوات رسلهم .
فالمعنى : ما منع هؤلاء المشركين من الإيمان بالقرآن شيء يمنع مثله ولكنهم كالأمم الذين قبلهم الذين جاءهم الهدى بأنواعه من كتب وآيات وإرشاد إلى الخير .
A E والمراد ب ( الأولين ) السابقون من الأمم في الضلال والعناد . ويجوز أن يراد بهم الآباء أي سنة آبائهم أي طريقتهم ودينهم . ولكل أمة أمة سبقتها .
و ( أن تأتيهم ) استثناء مفرغ هو فاعل ( ما منع ) . ( أن يؤمنوا ) منصوب على نزع الخافض أي من أن يؤمنوا .
ومعنى ( تأتيهم سنة الأولين ) تحل فيهم وتعتريهم . أي تلقى في نفوسهم وتسول إليهم . والمعنى : أنهم يشبهون خلق من كانوا قبلهم من أهل الضلال ويقلدونهم كما قال تعالى ( أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) .
وسنة الأولين : طريقتهم في الكفر . وإضافة ( سنة ) إليهم تشبه إضافة المصدر إلى فاعله . أي السنة التي سنها الأولون . وإسناد منعهم من الإيمان إلى إتيان سنة الأولين استعارة .
والمعنى : ما منع الناس أن يؤمنوا إلا الذي منع الأولين قبلهم من عادة العناد والطغيان وطريقتهم في تكذيب الرسل والاستخفاف بهم .
وذكر الاستغفار هنا بعد ذكر الإيمان تلقين إياهم بأن يبادروا بالإقلاع عن الكفر وأن يتوبوا إلى الله من تكذيب النبي ومكابرته .
و ( أو ) هي التي بمعنى " إلى " وانتصاب فعل ( يأتيهم العذاب ) ب ( أن ) مضمرة بعد ( أو ) . و ( أو ) متصلة المعنى بفعل ( منع ) أي منعهم تقليد سنة الأولين من الإيمان إلى أن يأتيهم العذاب كما أتى الأولين .
هذا ما بدا لي في تفسير هذه الآية وأراه أليق بموقع هاته الآية من التي قبلها .
فأما جميع المفسرين فقد تأولوا الآية على خلاف هذا على كلمة واحدة فجعلوا المراد بالناس عين المراد بهم في قوله ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ) أي ما منع المشركين من الإيمان بالله ورسوله . وجعلوا المراد بالهدى عين المراد بالقرآن وحملوا سنة الأولين على معنى سنة الله في الأولين أي الأمم المكذبين الماضين أي فإضافة ( سنة ) إلى ( الأولين ) مثل إضافة المصدر إلى مفعوله وهي عادة الله فيهم أي يعذبهم عذاب الاستئصال .
وجعلوا إسناد المنع من الإيمان إلى إتيان سنة الأولين بتقدير مضاف أي انتظار أن تأتيهم سنة الله في الأولين أي ويكون الكلام تهكما وتعريضا بالتهديد بحلول العذاب بالمشركين أي لا يؤمنون إلا عند نزول عذاب الاستئصال أي على معنى قوله تعالى ( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا )