وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( إلا أن يشاء الله ) استثناء حقيقي من الكلام الذي قبله . وفي كيفية نظمه اختلاف للمفسرين فمقتضى كلام الزمخشري أنه من بقية جملة النهي أي هو استثناء من حكم النهي أي لا تقولن : إني فاعل الخ... إلا أن يشاء الله أن تقوله . ومشيئة الله تعلم من إذنه بذلك فصار المعنى : إلا أن بأذن الله لك بأن تقوله . وعليه فالمصدر المسبك من ( أن يشاء الله ) مستثنى من عموم المنهيات وهو من كلام الله تعالى . ومفعول ( يشاء الله ) محذوف دل عليه ما قبله كما هو شأن فعل المشيئة . والتقدير : إلا قولا شاءه الله فأنت غير منهي عن أن تقوله .
A E ومقتضى كلام الكسائي والأخفش والفراء أنه مستثنى من جملة ( إني فاعل ذلك غدا ) فيكون مستثنى من كلام النبي A المنهي عنه . أي إلا قولا مقترنا ب ( إن شاء الله ) فيكون المصدر المنسبك من " أن " والفعل في محل نصب على نزع الخافض وهو باء الملابسة . والتقدير : إلا ب ( إن يشاء الله ) أي بما يدل على ذكر مشيئة الله لأن ملابسة القول حقيقة المشيئة محال . فعلم أن المراد تلبسه بذكر المشيئة بلفظ ( إن شاء الله ) ونحوه . فالمراد بالمشيئة إذن الله له .
وقد جمعت هذه الآية كرامة للنبي A من ثلاث جهات : الأولى : أنه أجاب سؤله فبين لهم ما سألوه إياه على خلاف عادة الله مع المكابرين .
الثانية : أنه علمه علما عظيما من أدب النبوة .
الثالثة : أنه ما علمه ذلك إلا بعد أن أجاب سؤله استئناسا لنفسه أن لا يبادره بالنهي عن ذلك قبل أن يجيبه كيلا يتوهم أن النهي يقتضي الإعراض عن إجابة سؤاله وكذلك شأن تأديب الحبيب المكرم . ومثاله ما في الصحيح : أن حكيم بن حزام قال : " سألت رسول الله فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذة بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى . قال حكيم : يا رسول الله ! والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا " . فعلم حكيم أن قول رسول الله A له ذلك ليس القصد منه منعه من سؤله وإنما قصد منه تخليقه بخلق جميل فلذلك أقسم حكيم : أن لا يأخذ عن أحد غير رسول الله شيئا . ولم يقل : لا أسألك بعد هذه المرة شيئا .
فنظم الآية أن اللام في قوله ( لشي ) ليست اللام التي يتعدى بها فعل القول إلى المخاطب بل هي لام العلة أي لا تقولن : إني فاعل كذا لأجل شيء تعد به فاللام بمنزلة " في " و ( شيء ) اسم متوغل في التنكير يفسره المقام أي الشيء تريد أن تفعله .
والإشارة بقوله ( ذلك ) عائدة إلى ( شيء ) أي أني فاعل الإخبار بأمر يسألونه .
و ( غدا ) مستعمل في المستقبل مجازا . وليست كلمة ( غدا ) مرادا بها اليوم الذي يلي يومه ولكنه مستعمل في معنى الزمان المستقبل كما يستعمل اليوم بمعنى زمان الحال والأمس بمعنى زمن الماضي . وقد جمعها قول زهير : .
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عم وظاهر الآية اقتصار إعمالها على الإخبار بالعزم على فعل في المستقبل دون ما كان من الكلام إنشاء مثل اإيمان فلذلك اختلف فقهاء الأمصار في شمول هذه الآية لإنشاء الأيمان ونحوها فقال جمهورهم : يكون ذكر ( إلا أن يشاء الله ) حلا لعقد اليمين يسقط وجوب الكفارة . ولعلهم أخذوه من معنى ( شيء ) في قوله ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك ) الخ : بحيث إذا أعقبت اليمين بقول ( إلا أن يشاء الله ) ونحوه لم يلزم البر في اليمين . وروي ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم عن مالك أن قوله ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ) الخ . . إنما قصد بذلك ذكر الله عند السهو وليس باستثناء . يعني أن حكم الثنيا في الأيمان لا يؤخذ من هذه الآية بل هو مما ثبت بالسنة . ولذلك لم يخالف مالك في إعمال الثنيا في اليمين وهي قول ( إن شاء الله ) . وهذا قول ابن حنيفة والشافعي .
( واذكر ربك إذا نسيت )