وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وللمفسرين بضعة محامل أخرى لهذه الآية استقصاها القرطبي فمنها ما ليس له حظ من القبول لوهن سنده وعدم انطباقه على معاني الآية ومنها ما هو ضعيف السند وتتحمله الآية بتكلف . ومرجع ذلك إلى أن المشركين راودوا النبي A أن لا يسويهم مع من يعدونهم منحطين عنهم من المؤمنين المستضعفين عندهم مثل : بلال وعمار بن ياسر وخباب وصهيب وأنهم وعدوا النبي إن هو فعل ذلك ؛ بأن يجلسوا إليه ويستمعوا القرآن حين لا يكون فيه تنقيص آلهتهم وأن رسول الله هم بأن يظهر لهم بعض اللين رغبة في إقبالهم على سماع القرآن لعلهم يهتدون فيكون المراد من ( الذي أوحينا إليك ) بعض الذي أوحينا إليك وهو ما فيه فضل المؤمنين مثل قوله ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) الآية أو ما فيه تنقيض الأصنام .
وسمات التخرص وضيق العطن في معنى الآية بحاق ألفاظها بادية على جميع هاته الأخبار . وإذ قد مائت بها كتب التفسير لم يكن بد من تأويل الآية بأمثل ما يناسب تلك الأخبار لئلا تكون فتنة للناظرين فنقول : إن رغبة النبي A في اقترابهم من الإسلام وفي تأمين المسلمين أجالت في خاطره أن يجيبهم إلى بعض ما دعوه إليه مما يرجع إلى تخفيف الإغلاظ عليهم أو أنظارهم أو إرضاء بعض أصحابه بالتخلي عن مجلسه حين يحضره صناديد المشركين وهو يعلم أنهم ينتدبون إلى ذلك لمصلحة الدين أو نحو ذلك مما فيه مصلحة لنشر الدين وليس فيه فوات شيء على المسلمين أي كادوا يصرفونك عن بعض ما أوحيناه إليك مما هو مخالف لما سألوه .
فبالموصول في قوله ( الذي أوحينا إليك ) للعهد لما هو معلوم عند النبي A بحسب ما سأله المشركون من مخالفته . فهذه الآية مسوقة مساق المن على النبي بعصمة الله إياه من الخطأ في الاجتهاد ومساق إظهار ملل المشركين من أمر الدعوة الإسلامية وتخوفهم من عواقبها . وفي ذلك تثبيت للنبي وللمؤمنين وتأييس للمشركين بأن ذلك لن يكون .
وقوله ( لتفتري علينا غيره ) متعلق ب ( يفتنونك ) واللام للعلة أي يفعلون ذلك إضمارا منهم وطمعا في أن يفتري علينا غيره أي غير مما أوحي إليك . وهذا طمع من المشركين أن يستدرجوا النبي من سؤال إلى آخر فهو راجع إلى نياتهم . وليس في الكلام ما يقتضي أن النبي A هم بذلك كما فهمه بعض المفسرين . إذ لام التعليل لا تقتضي أكثر من غرض فاعل الفعل المعلل ولا تقتضي غرض المفعول ولا علمه .
و ( إن ) من قوله ( وإن كادوا ليفتنونك ) مخففة من ( إن ) المشددة واسمها ضمير شان محذوف واللام في ( ليفتنونك ) هي اللام الفارقة بين ( إن ) المخففة من الثقيلة وبين ( إن ) النافية فلا تقتضي تأكيدا للجملة .
وجملة ( وإذا لاتخذوك خليلا ) عطف على جملة ( إن كادوا ليفتنونك ) . و ( إذا ) حرف جزاء والنون التي بآخرها نون كلمة وليست تنوين تمكين فتكون جزاء لفعل ( يفتنونك ) بما معه من المتعلقات مقحما بين المتعاطفين لتصير واو العطف مع ( إذا ) مفيدة معنى فاء التفريع .
ووجه عطفها بالوا دون الاقتصار على حرف الجزاء لأنه باعتبار كونه من أحوالهم التي حاوروا النبي A فيها وألحوا عليه ناسب أن يعطف على جملة أحوالهم . والتقدير : فلو صرفوك عن بعض ما أوحينا إليك لاتخذوك خليلا . واللام في قوله ( لاتخذوك ) اللام الموطئة للقسم لأن الكلام على تقدير الشرط وهو لو صرفوك عن الذي أوحينا إليك لاتخذوك خليلا .
واللام في قوله ( لاتخذوك ) لام جواب " لو " إذ كان فعلا ماضيا مثبتا .
والخليل : الصديق . وتقدم عند قوله تعالى ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) في سورة النساء .
( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا [ 74 ] إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا [ 75 ] ) يجوز أن يكون هذا كلاما مستقلا غير متصل بقوله ( وإن كادوا ليفتنونك ) بناء على ما نحوناه في تفسير الآية السابقة . وهذه منة أخرى ومقام آخر من مقام رسول الله A تجاه المشركين . ويجوز أن يكون من تكملة ما قبله فيكون الركون إليهم ركونا فيما سألوه منه على نحو ما ساقه المفسرون من الأخبار المتقدمة .
A E