وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعطف ( ومن كان في هذه أعمى ) عطف القسيم على قسيمه فهو في حيز ( أما ) التفصيلية والتقدير : وأما من كان في هذه أعمى . ولما كان القسيم المعطوف عليه هم من أوتوا كتابهم باليمين علم أن المعطوف بضد ذلك يؤتي كتابه بالشمال فاستغني عن ذكر ذلك وأتي له بصلة أخرى وهي كونه أعمى حكما آخر من أحواله الفضيعة في ذلك اليوم .
والإشارة ب ( هذه ) إلى معلوم من المقام وهو الدنيا وله نظائر في القرآن . والمراد بالعمى في الدنيا الضلالة في الدين أطلق عليها العمى على وجه الاستعارة .
والمراد بالعمى في الآخرة ما ينشأ عن العمى من الحيرة واضطراب البال فالأعمى أيضا مستعار لمشابه الأعمى بإحدى العلاقتين .
ووصف ( أعمى ) في المرتين مراد به مجرد الوصف لا التفضيل . ولما كان وجه الشبه في أحوال الكافر في الآخرة أقوى منه في حاله فيالدنيا أشير إلى شدة تلك الحالة بقوله ( وأضل سبيلا ) القائم مقام صيغة التفضيل في العمى لكون وصف ( أعمى ) غير قابل لأن يصاغ بصيغة التفضيل لأنه جاء بصيغة التفضيل في حال الوصف .
وعدل عن لفظ ( أشد ) ونحوه ما يتوسل به إلى التفضيل عند تعذر استقاق صيغة ( أفعل ) ليتأتى ذكر السبيل . لما في الضلال عن السبيل من تمثيل حال العمى وإيضاحه لأن ضلال فاقد البصر عن الطريق فيحال السير أشد وقعا في الأضرار منه وهو قابع بمكانه فعدل عن اللفظ الوجيز إلى التركيب المطنب لما في الإطناب من تمثيل الحال وإيضاحه وإفظاعه وهو إطناب بديع . وقد أفيد بذلك أن عماه في الدارين عمى ضلال عن السبيل الموصل . ومعنى المفاضلة راجع إلى مفاضلة إحدى حالتيه على الأخرى في الضلال وأثره لا إلى حال غيره . فالمعنى : وأضل سبيلا منه في الدنيا .
ووجه كون ضلاله في الآخرة أشد أن ضلاله في الدنيا كان في مكنته أن ينجو منه بطلب ما يرشده إلى السبيل الموصل من هدي الرسول والقرآن مع كونه خليا عن لحاق الألم به . وأما ضلاله في الآخرة فهو ضلال لا خلاص منه وهو مقارن للعذاب الدائم . فلا جرم كان ضلاله في الآخرة أدخل في حقيقة الضلال وماهيته .
( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لا تتخذوك خليلا [ 73 ] ) حكاية فن من أفنين ضلالهم وعماهم في الدنيا فالجملة عطف على جملة ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى ) . وهو انتقال من وصف حالهم وإبطال مقالهم في تكذيب النبي A إلى ذكر حال آخر من حال معارضتهم وإعراضهم وهي حال طمعهم في أن يستنزلوا النبي A لأن يقول قولا فيه حسن ذكر لألهتهم ليتنازلوا إلى مصالحته وموافقته إذا وافقهم في بعض ما سألوه .
وضمائر الغيبة مراد منها كفار قريش أي متولو تدبير أمورهم .
وغير الأسلوب من خطابهم في آيات ( ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر ) إلى الإقبال على خطاب النبي A لتغير المقام من مقام استدلال إلى مقام امتنان .
والفتن والفتون : معاملة يلحق منها ضر واضطراب النفس في أنواع من المعاملة يعسر دفعها من تغلب على القوة وعلى الفكر وتقدم في قوله تعالى ( والفتنة أشد من القتل ) في سورة البقرة .
وعدي ( يفتنونك ) بحرف " عن " لتضمينه معنى فعل كان الفتن لأجله وهو ما فيه معنى ( يصرفونك ) .
والذي أوحي إليه هو القرآن .
هذا هو الوجه في تفسير الآية بما تعطيه معاني تراكيبها مع ملاحظة ما تقتضيه أدلة عصمة الرسول A من أن تتطرق إليه خواطر إجابة المشركين لما يطمعون .
A E