وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي هذا التوكل مراتب من الانقلاب عن احتناك الشيطان وهي مراتب المؤمنين من الأخذ بطاعة الله كما هو الحق عند أهل السنة .
A E فالسلطان المنفي في قوله ( ليس لك عليهم سلطان ) هو الحكم المستمر بحيث يكونون رعيته ومن جنده . وأما غيرهم فقد يستهويهم الشيطان ولكنهم لا يلبثون أن يثوبوا إلى الصالحات وكفاك من ذلك دوام توحيدهم لله وتصديقهم رسوله واعتبارهم أنفسهم عبادا لله متطلبين شكر نعمته فشتان بينهم وبين أهل الشرك وإن سخفت في شأنهم عقيدة أهل الاعتزال . وقد تقدم معنى هذا عند قوله تعالى ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ) في سورة النحل .
فالمؤمن لا يتولى الشيطان أبدا ولكنه قد ينخدع لوسواسه وهو مع ذلك يلعنه فيما أوقعه فيه من الكبائر وبمقدار ذلك الانخداع يقترب من سلطانه . وهذا معنى قول النبي A في خطبة حجة الوداع : " إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا ولكنه قد رضي بما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم " .
فجملة ( وكفى بربك وكيلا ) يجوز أن تكون تكملة لتوبيخ الشيطان فيكون كاف الخطاب ضمير الشيطان تسجيلا عليه بأنه عبد الله ويجوز أن تكون معترضة في آخر الكلام فتكون كاف الخطاب ضمير النبي A تقريبا للنبي بالإضافة إلى ضمير الله . ومآل المعنى على الوجهين واحد وإن اختلف الاعتبار .
( ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما [ 66 ] ) استئناف ابتدائي وهو عود إلى تقرير أدلة الانفراد بالتصريف في العالم المشوبة بما فيها من نعم على الحلق والدالة بذلك الشوب على إتقان الصنع ومحكم التدبير لنظام هذا العالم وسيادة الإنسان فيه وعليه . ويشبه أن يكون هذا الكلام عودا إلى قوله ( ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير ) كما تقدم هنالك فراجعه . فلما جرى الكلام على الإنذار والتحذير أعقب هنا بالاستدلال على صحة الإنذار والتحذير .
والخطاب لجماعة المشركين كما يقتضيه قوله عقبه ( فلما نجاكم إلى البر أعرضتم ) أي أعرضتم عن دعائه ودعوتم الأصنام وقوله ( ضل من تدعون إلا إياه ) .
وافتتحت الجملة بالمسند إليه معرفا بالإضافة ومستحضرا بصفة الربوبية لاستدعاء إقبال السامعين على الخبر المؤذن بأهميته حيث افتتح بما يترقب منه خبر عظيم لكونه من شؤون الإله الحق وخالق الخلق ومدبر شؤونهم تدبير اللطيف الرحيم فيوجب إقبال السامع بشراشره إن مؤمنا متذكرا أو مشركا ناظرا متدبرا .
وجيء بالجملة الاسمية لدلالتها على الدوام والثبات .
وبتعريف طرفيها للدلالة على الانحصار أي ربكم هو الذي يزجي لكم الفلك لا غيره ممن تعبدونه باطلا وهو الذي لا يزال يفعل ذلك لكم .
وجيء بالصلة فعلا مضارعا للدلالة على تكرر ذلك وتحدده . فحصلت في هذه الجملة على إيجازها معان جمة خصوصية . وفي ذلك حد الإعجاز .
ويزجي : يسوق سوقا بطيئا . شبه تسخير الفلك للسير في الماء بإزجاء الدابة المثقلة بالحمل .
والفلك هنا جمع لا مفرد . والبحر : الماء الكثير فيشمل الأنهار كالفرات والدجلة وتقدم عند قوله تعالى ( والفلك التي تجري في البحر ) في سورة البقرة .
والابتغاء : الطلب . والفضل : الرزق أي للتجارة . وتقدم عند قوله تعالى ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) في سورة البقرة . وهذا امتنان على الناس كلهم مناسب لعموم الدعوة لأن أهل مكة ما كانوا ينتفعون بركوب البحر وإنما ينتفع بذلك عرب اليمن وعرب العراق والناس غيرهم .
وجملة ( إنه كان بكم رحيما ) تعليل وتنبيه لموقع الامتنان ليرفضوا عبادة غيره مما لا أثر له في هذه المنة .
( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجياكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا [ 67 ] ) بعد أن ألزمهم الحجة على حق إلهية الله تعالى بما هو من خصائص صنعه باعترافهم أعقبه بدليل آخر من أحوالهم المتضمنة إقرارهم بانفراده بالتصرف ثم بالتعجيب من مناقضة أنفسهم عند زوال اضطرارهم