وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ حفص عن عاصم ( ورجلك ) " بكسر الجيم " وهو لغة في رجل مضموم الجيم وهو الواحد من الرجال . والمراد الجنس . والمعنى : بخيلك ورجالك أي الفرسان والمشاة .
والباء في ( بخيلك ) إما لتأكيد لصوق الفعل لمفعوله فهي لمجرد التأكيد . ومجرورها مفعول في المعنى لفعل ( أجلب ) مثل ( وامسحوا برؤوسكم ) ؛ وإما لتضمين فعل ( أجلب ) معنى " اغزهم " فيكون الفعل مضمنا معنى الفعل اللازم وتكون الباء للمصاحبة .
A E والمشاركة في الأموال : أن يكون للشيطان نصيب في أموالهم وهي إنعامهم وزروعهم إذ سول لهم أن يجعلوا نصيبا في النتاج والحرث للأصنام . وهي من مصارف الشيطان لأن الشيطان هو المسول للناس باتخاذها قال تعالى ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ) .
وأما مشاركة الأولاد فهي أن يكون للشيطان نصيب في أحوال أولادهم مثل تسويله لهم أن يئدوا أولادهم وأن يستولدوهم من الزنى وأن يسموهم بعبدة الأصنام كقولهم : عبد العزى وعبد اللات وزيد مناة ويكون انتسابه إلى ذلك الصنم .
ومعنى ( عدهم ) أعطهم المواعيد بحصول ما يرغبونه كما يسول لهم بأنهم إن جعلوا أولادهم للأصنام سلم الآباء من الثكل والأولاد من الأمراض ويسول لهم أن الأصنام تشفع لهم عند الله في الدنيا وتضمن لهم النصر على الأعداء كما قال أبو سفيان يوم أحد " أعل هبل " . ومنه وعدهم بأنهم لا يخشون عذابا بعد الموت لإنكار البعث ووعد العصاة بحصول اللذات المطلوبة من المعاصي مثل الزنى والسرقة والخمر والمقامرة .
وحذف مفعول ( وعدهم ) للتعميم في الموعود به . والمقام دال على أن المقصود أن يعدهم بما يرغبون لأن العدة هي التزام إعطاء المرغوب وسماه وعدا لأنه يوهمهم حصوله فيما يستقبل فلا يزالون ينتظرونه كشأن الكذاب أن يحتزر عن الإخبار بالعاجل لقرب افتضاحه فيجعل مواعيده كلها للمستقبل .
ولذلك اعترض بجملة ( وما يعدهم الشيطان إلا عرورا ) .
والغرور : إظهار الشيء المكروه في صورة المحبوب الحسن . وتقدم عند قوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ) في آل عمران وقوله ( زخرف القول غرورا ) في الأنعام . والمعنى : أن ما سوله لهم الشيطان في حصول المرغوب إما باطل لا يقع مثل ما يسوله للناس من العقائد الفاسدة وكونه غرورا لأنه إظهار لما يقع في صورة الواقع فهو تلبيس ؛ وإما حاصل لكنه مكروه غير محمود بالعاقبة مثل ما يسوله للناس من قضاء دواعي الغضب والشهوة ومحبة العاجل دون تفكير في الآجل وكل ذلك لا يخلو عن مقارنة الأمر المكروه أو كونه آيلا إليه بالإضرار . وقد بسط هذا الغزالي في كتاب الغرور من كتاب ( إحياء علوم الدين ) .
وإظهار اسم الشيطان في قوله ( وما يعدهم الشيطان ) دون أن يأتي بضميره المستتر لأن هذا الاعتراض جملة مستقلة فلو كان فيها ضمير عائد إلى ما في جملة أخرى لكان في النثر شبه عيب التضمين في الشعر ولأن هذه الجملة جارية مجرى المثل فلا يحسن اشتمالها على ضمير ليس من أجزائها .
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا [ 65 ] ) وجملة ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) من تمام الكلام المحكي ب ( قال اذهب ) . وهي جملة مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن قوله ( فمن تبعك منهم ) وقوله ( واستفزز من استطعت منهم ) فإن مفهوم ( من تبعك ) و ( من استطعت ) من قبيل مفهوم الصفة فيفيد أن فريقا من درية آدم لا يتبع إبليس فلا يحتنكه . وهذا المفهوم يفيد أن الله قد عصم أو حفظ هذا الفريق من الشيطان وذلك يثير سؤالا في خاطر إبليس ليعلم الحائل بينه وبين ذلك الفريق بعد أن علم في نفسه علما إجماليا أن فريقا لا يحتنكه لقوله ( لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) . فوقعت الإشارة إلى تعيين هذا الفريق بالوصف وبالسبب .
فأما الوصف ففي قوله ( عبادي ) المفيد أنهم تمحضوا لعبودية الله تعالى كما تدل عليه الإضافة فعلم أن من عبدوا الأصنام والجن وأعرضوا عن عبودية الله تعالى ليسوا من أولئك .
وأما السبب ففي قوله ( وكفى بربك وكيلا ) المفيد أنهم توكلوا على الله واستعاذوا به من الشيطان فكان خير وكيل لهم إذ حاطهم من الشيطان وحفظهم منه