وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا الكلام صدر من إبليس إعرابا عما في ضميره . وإنما شرط التأخير إلى يوم القيامة ليعم بإغوائه جميع أجيال ذرية آدم فلا يكون جيل آمنا من إغوائه .
A E وصدر ذلك من إبليس عن وجدان ألقي في نفسه صادف مراد الله منه فإن الله لما خلقه قدر له أن يكون عنصر إغواء إلى يوم القيامة وأنه يغوي كثيرا من البشر ويسلم منه قليل منهم .
وإنما اقتصر على إغواء ذرية آدم ولم يذكر إغواء آدم وهو أولى بالذكر " إذ آدم هو أصل عداوة الشيطان الناشئة عن الحسد من تفصيله عليه " إما لأن هذا الكلام قاله بعد أن أغوى آدم وأخرج من الجنة فقد شفى غليله منه وبقيت العداوة مسترسلة في ذرية آدم قال تعالى ( إن الشيطان لكم عدو ) .
والاحتناك : وضع الراكب اللجام في حنك الفرس ليركبه ويسيره فهو هنا تمثيل لجلب ذرية آدم إلى مراده من الإفساد والإغواء بتسيير الفرس على حب ما يريد راكبه .
( قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا [ 63 ] واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا [ 64 ] ) جواب من الله تعالى عن سؤال إبليس التأخير إلى يوم القيامة ولذلك فصلت جملة ( قال ) على طريقة المحاورات التي ذكرناها عند قوله تعالى ( قالوا أتجعل فيها ) .
والذهاب ليس مرادا به الانصراف بل هو مستعمل في الاستمرار على العمل أي امض لشأنك الذي نويته . وصيغة الأمر مستعملة في التسوية وهو كقول النبهاني من شعراء الحماسة : .
فإن كنت سيدنا سدتنا ... وإن كنت للخال فاذهب فخل وقوله ( فمن تبعك منهم ) تفريع على التسوية والزجر كقوله تعالى ( قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ) .
والجزاء : مصدر جزاه على عمل أي أعطاه عن عمله عوضا . وهو هنا بمعنى اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق .
والموفور : اسم مفعول من وفره إذا كثره .
وأعيد ( جزاء ) للتأكيد اهتماما وفصاحة كقوله ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) ولأنه أحسن في جريان وصف الموفور على موصوف متصل به دون فصل . وأصل الكلام : فإن جهنم جزاؤكم موفورا . فانتصاب ( جزاء ) على الحال الموطئة و ( موفورا ) صفة له وهو الحال في المعنى أي جزاء غير منقوص .
والاستفزاز : طلب الفز وهو الخفة والانزعاج وترك التثاقل . والسين والتاء فيه للجعل الناشئ عن شدة الطلب والحث الذي هو أصل معنى السين والتاء أي استخفهم وأزعجهم .
والصوت : يطلق على الكلام كثيرا لأن الكلام صوت من الفم واستعير هنا لإلقاء الوسوسة في نفوس الناس . ويجوز أن يكون مستعملا هنا تمثيلا لحالة إبليس بحال قائد الجيش فيكون متصلا بقوله ( وأجلب عليهم بخيلك ) كما سيأتي .
والإجلاب : جمع الجيش وسوقه مشتق من الجلبة بفتحتين وهي الصياح لأن قائد الجيش إذا أراد جمع الجيش نادى فيهم للنفير أو للغارة والهجوم .
والخيل : اسم جمع الفرس . والمراد به عند ذكر ما يدل على الجيش الفرسان . ومنه قول النبي A . " يا خيل الله اركبي " . وهو تمثيل لحال صرف قوته ومقدرته على الإضلال بحال قائد الجيش يجمع فرسانه ورجالته .
ولما كان قائد الجيش ينادي في الجيش عند الأمر بالغارة جاز أن يكون قوله ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ) من جملة هذا التمثيل .
والرجل : اسم جمع الرجال كصحب . وقد كانت جيوش العرب مؤلفة من رجالة يقاتلون بالسيوف ومن كتائب فرسان يقاتلون بنضح النبال فإذا التحموا اجتلدوا بالسيوف جميعا . قالأنيف بن زبان النبهاني : .
وتحت نحور الخيل حرشف رجلة ... تتاح لحبات القلوب نبالها ثم قال : .
فلما التقينا بين السيف بيننا ... لسائلة عنا حفي سؤالها والمعنى : أجمع لمن اتبعك من درية آدم وسائل الفتنة والوسوسة لإضلالهم . فجعلت وسائل الوسوسة بتزيين المفاسد وتظيع المصالح كاختلاف أصناف الجيش فهذا تمثيل حال الشيطان وحال متبعيه من ذرية آدم بحال من يغزو قوما بجيش عظيم من فرسان ورجالة