وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : أننا نعلم أنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن من قبلهم من الكفرة لما جاءتهم أمثال تلك الآيات . فعلم الناس أن الإضرار على الكفر سجية للمشرك لا يقلعها إظهار الآيات فلو آمن الأولون عندما أظهرت لهم الآيات لكان لهؤلاء أن يجعلوا إيمانهم موقوفا على إيجاد الآيات التي سألوها . قال تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ) .
والأظهر أن هذا تثبيت لأفئدة المؤمنين لئلا يفتنهم الشيطان وتسلية للنبي A لحرصه على إيمان قومه فلعله يتمنى أن يجيبهم الله لما سألوا من الآيات ولحزنه من أن يظنوه كاذبا .
وجملة ( وآتينا ثمود الناقة ) في محل الحال من ضمير الجلالة في ( منعنا ) أي وقد أتينا ثمودا آية كما سألوا فزادوا كفرا بسببها حتى عجل لهم العذاب .
ومعنى ( مبصرة ) واضحة الدلالة فهو اسم فاعل أبصر المتعدي إلى مفعول أي جعل غيره مبصرا وذا بصيرة . فالمعنى : أنها مفيدة البصيرة أي اليقين . أي تجعل من رآها ذا بصيرة وتفيده أنها آية . ومنه قوله تعالى ( فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين ) .
وخص بالذكر ثمود وآيتها لشهرة أمرهم بين العرب ولأن آثار هلاكهم في بلاد العرب قريبة من أهل مكة يبصرها صادرهم وواردهم في رحلاتهم بين مكة والشام .
وقوله ( فظلموا بها ) يجوز أن يكون استعمل الظلم بمعنى الكفر لأنه ظلم النفس وتكون الباء للتعدية لأن فعل الكفر يعدى إلى المكفور بالباء . ويجوز أن يكون الظلم مضمنا معنى الجحد أي كابروا في كونها آية كقوله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) . ويجوز بقاء الظلم على حقيقته وهي الاعتداء بدون حق والباء صلة لتوكيد التعدية مثل الباء في ( وامسحوا برؤوسكم ) أي ظلموا الناقة حين عقروها وهي لم تجن عليهم فكان عقرها ظلما . والاعتداء على العجماوات ظلم إذا كان غير مأذون فيه شرعا كالصيد .
( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا [ 59 ] ) هذا بيان لحكمة أخرى في ترك إرسال الآيات إلى قريش تشير إلى أن الله تعالى أراد الإبقاء عليهم ليدخل منهم في الإسلام كثير ويكون نشر الإسلام على يد كثير منهم .
وتلك مكرمة للنبي A فلو أرسل الله لهم الآيات كما سألوا مع أن جبلتهم العناد لأصروا على الكفر فحقت عليهم سنة الله التي قد خلت في عباده وهي الاستئصال عقب إظهار الآيات لأن إظهار الآيات تخويف من العذاب والله أراد الإبقاء على هذه الأمة قال ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) الآية فعوضنا تخويفهم بدلا عن إرسال الآيات التي اقترحوها .
والقول في تعدية ( وما نرسل بالآيات ) كالقول في ( وما منعنا أن نرسل بالآيات ) معنى وتقديرا على الوجهين .
والتخويف : جعل المرء خائفا .
والقصر في قوله ( إلا تخويفا ) لقصر الإرسال بالآيات على علة التخويف وهو قصر إضافي أي لا مباراة بين الرسل وأقوامهم أو لا طمعا في إيمان الأقوام فقد علمنا أنهم لا يؤمنون .
( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) هذه تسلية للنبي A على حزنه من تكذيب قومه إياه ومن إمهال عتاة أعداء الدين الذين فتنوا المؤمنين فذكره الله بوعده نصره .
وقد أومأ جعل المسند إليه لفظ الرب مضافا إلى ضمير الرسول أن هذا القول مسوق مساق التكرمة للنبي وتصبيره وأنه بمحل عناية الله به إذ هو ربه وهو ناصره قال تعالى ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) .
فجملة ( وإذ قلنا لك ) الخ يجوز أن تكون معطوفة على جملة ( وما منعنا أن نرسل بالآيات ) ويجوز أن تكون معترضة .
و ( إذ ) متعلقة بفعل محذوف أي اذكر إذ قلنا لك كلاما هو وعد بالصبر أي اذكر لهم ذلك وأعده على أسماعهم أو هو فعل ( اذكر ) على أنه مشتق من الذكر " بضم الذال " وهو إعادة الخبر إلى القوة العقلية الذاكرة .
والإحاطة لما عدي فعلها هنا إلأى ذات الناس لا إلأى حال من أحوالهم تعين أنها مستعملة في معنى الغلبة كما في قوله تعالى ( وظنوا أنهم أحيط بهم ) في سورة يونس . وعبر بصيغة المضي للتنبيه على تحقيق وقوع إحاطة الله بالناس في المستقبل القريب . ولعل هذا إشارة إلى قوله تعالى ( أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) .
والمعنى : فلا تحزن لافترائهم وتطاولهم فسننتقم منهم .
A E