وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذكر خوف بعد رجاء الرحمة للإشارة إلى أنهم في موقف الأدب مع ربهم فلا يزيدهم القرب من رضاه لألا إجلالا له وخوفا من غضبه . وهو تعريض بالمشركين الذين ركبوا رؤوسهم وتوغلوا في الغرور فزعموا أن شركاءهم شفعاؤهم عند الله .
وجملة ( أن عذاب ربك كان محذورا ) تذييل . ومعنى ( كان محذورا ) أن حقيقته تقتضي حذر الموفقين إذ هو جدير بذلك .
( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا [ 58 ] ) ولما عرض بالتهديد للمشركين في قوله ( إن عذاب ربك كان محذورا ) وتحداهم بقوله ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ) جاء بصريح التهديد على مسمع منهم بأن كل قرية مثل قريتهم في الشرك لا يعدوها عذاب الاستيصال وهو يأتي على القرية وأهلها أو عذاب الانتقام بالسيف والذل والأسر والخوف والجوع وهو يأتي على أهل القرية مثل صرعى بدر كل ذلك في الدنيا . فالمراد : القرى الكافر أهلها لقوله تعالى ( وما كان ربك ليلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) في سورة هود وقوله ( وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ) في سورة القصص .
وحذف الصفة في مثل هذا معروف كقوله تعالى ( يأخذ كل سفينة غصبا ) أي كل سفينة صالحة بقرينة قوله ( فأردت أن أعيبها ) .
وليس المقصود شمول ذلك القرى المؤمنة على معنى أن لا بد للقرى من زوال وفناء في سنة الله في هذا العالم لأن ذلك معارض لآيات أخرى ولأنه مناف لغرض تحذير المشركين من الاستمرار على الشرك .
فلوا سلمنا أن هذا الحكم لا تنفلت منه قرية من القرى بحكم سنة الله في مصير كل حادث إلى الفناء لما سلمنا أن في ذكر ذلك هنا فائدة .
والتقييد بكونه ( قبل يوم القيامة ) زيادة في الإنذار والوعيد كقوله ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) .
و ( من ) مزيدة بعد ( إن ) النافية لتأكيد استغراق مدخولها باعتبار الصفة المقدرة أي جميع القرى الكافرة كيلا يحسب أهل مكة عدم شمولهم .
والكتاب : مستعار لعلم الله وسابق تقديره فتعريفه للعهد أو أريد به الكتب المنزلة على الأنبياء فتعريفه للجنس فيشمل القرآن وغيره .
والمسطور : المكتوب يقال : سطر الكتاب إذا كتبه سطورا قال تعالى ( والقلم وما يسطرون ) .
( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ) هذا كشف شبهة أخرى من شبه تكذيبهم إذ كانوا يسألون النبي أن يأتيهم بآيات على حسب اقتراحهم ويقولون : لو كان صادقا وهو يطلب منا أن نؤمن به لجاءنا بالآيات التي سألناه . غرورا بأنفسهم أن الله يتنازل لمباراتهم .
والجملة معطوفة على جملة ( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها ) الآية أي إنما أمهلنا المتمردين على الكفر إلى أجل نزول العذاب ولم نجبهم إلى ما طلبوا من الآيات لعدم جدوى إرسال الآيات للأولين من قبلهم في الكفر على حسب اقتراحهم فكذبوا بالآيات .
وحقيقة المنع : كف الفاعل عن فعل يريد فعلته أو يسعى في فعله . وهذا محال عن الله تعالى إذ لا مكره للقادر المختار . فالمنع هنا مستعار للصرف عن الفعل وعدم إيقاعه دون محاولة إتيانه .
والإرسال يجوز أن يكون حقيقة فيكون مفعول ( أن نرسل ) محذوفا دل عليه فعل ( نرسل ) . والتقدير : أن نرسل رسولنا . فالباء في قوله ( بالآيات ) للمصاحبة أي مصاحبا للآيات التي اقترحها المشركون . ويجوز أن يكون الإرسال مستعارا لإظهار الآيات وإيجادها فتكون الباء مزيدة لتأكيد تعلق فعل ( نرسل بالآيات ) وتكون ( الآيات ) مفعولا في المعنى كقوله تعالى ( وامسحوا برؤوسكم ) .
والتعريف في ( الآيات ) على كلا الوجهين للعهد أي المعهودة من اقتراحهم كقولهم ( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) و ( قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) و ( قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسل الله ) على أحد التأويلين .
و ( أن ) الأولى مفيدة مصدرا منصوبا على نزع الخافض وهو " من " التي يتعدى بها فعل المنع وهذا الحذف مطرد مع ( أن ) .
و ( أن ) الثانية مصدرها فاعل ( منعنا ) على الاستثناء المفرغ .
وإسناد المنع إلى تكذيب الأولين بالآيات مجاز عقلي لأن التكذيب سبب الصرف .
A E