وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأما جملة ( وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) فهي عطف على ( تستجيبون ) أي وتحسبون أنكم ما لبثتم في الأرض إلا قليلا . والمراد : التعجيب من هذه الحالة ولذلك جاء في بعض آيات أخرى سؤال المولى حين يبعثون عن مدة لبثهم تعجيبا من حالهم قال تعالى ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ) وقال ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبث قال لبثت يوما او بعض يوم قال بل لبثت مائة عام ) . وهذا التعجيب تنديم للمشركين وتأييد للمؤمنين . والمراد هنا : أنهم ظنوا ظنا خاطئا وهو محل التعجيب . وأما قوله في الآية الأخرى ( قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ) فمعناه : أنه وإن طال فهو قليل بالنسبة لأيام الله .
( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا [ 53 ] ) لما أعقب ما أمر النبي A بتبليغه إلى المشركين من أقوال تعظهم وتنهنههم من قوله تعالى ( قل لو كان معه آلهة كما تقولون ) وقوله ( قل كونوا حجارة ) وقوله ( قل عسى أن يكون قريبا ) ثني العنان إلى بإبلاغ المؤمنين تأديبا ينفعهم في هذا المقام على عادة القرآن في تلوين الأغراض وتقيب بعضها ببعض أضدادها استقصاء لأصناف الهدى ومختلف أساليبه ونفع مختلف الناس .
ولما كان ما سبق من حكاية أقوال المشركين تنبئ عن ضلال اعتقاد نقل الكلام إلى أمر المؤمنين بأن يقولوا أقوالا تعرب عن حسن النية وعن نفوس زكية . وأوتوا في ذلك كلمة جامعة وهي ( يقولوا التي هي أحسن ) .
و ( التي هي أحسن ) صفة لمحذوف يدل عليه فعل ( يقولوا ) . تقديره : بالتي هي أحسن . وليس المراد مقالة واحدة .
واسم التفضيل مستعمل في قوة الحسن . ونظيره قوله ( جادلهم بالتي هي أحسن ) أي بالمجادلات التي هي بالغة الغاية في الحسن فإن المجادلة لا تكون بكلمة واحدة .
فهذه الآية شديدة الاتصال بالتي قبلها وليست بحاجة إلى تطلب سبب لنزولها . وهذا تأديب عظيم في مراقبة اللسان وما يصدر منه . وفي الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل : أن النبي A أمره بأعمال تدخله الجنة ثم قال له ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا . قال : قلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) .
والمقصد الأهم من هذا التأديب تأديب الأمة في معاملة بعضهم بعضا بحسن المعاملة وإلانة القول . لأن القول ينم عن المقاصد . بقرينة قوله ( إن الشيطان ينزغ بينهم ) . ثم تأديبهم في مجادلة المشركين اجتنابا لما تثيره المشادة والغلظة من ازدياد مكابرة المشركين وتصلبهم فذلك من نزغ الشيطان بينهم وبين عدوهم . قال تعالى ( ادفع بالني هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) . والمسلمون في مكة يومئذ طائفة قليلة وقد صرف الله عنهم ضر أعدائهم بتصاريف من لطفه ليكونوا آمنين . فأمرهم أن لا يكونوا سببا في إفساد تلك الحالة .
والمراد بقوله ( لعبادي ) المؤمنون كما هو المعروف من اصطلاح القرآن في هذا العنوان . وروي أن قول التي هي أحسن أن يقولوا للمشركين : يهديكم الله . يرحمكم الله . أي بالإيمان . وعن الكلبي : كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله A بالقول والفعل . فشكوا ذلك إلى رسول الله A فأنزل الله هذه الآية .
وجزم ( يقولوا ) على حذف لام الأمر وهو وارد كثيرا بعد الأمر بالقول . ولك أن تجعل ( يقولوا ) جوابا منصوبا في جواب الأمر مع حذف مفعول القول لدلالة الجواب عليه . والتقدير : قل لهم : قولوا التي هي أحسن يقولوا ذلك . فيكون كناية على أن الامتثال بأنهم فإذا أمروا امتثلوا . وقد تقدم نظيره في قوله ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) في سورة إبراهيم .
والنزغ : أصله الطعن السريع . واستعمل هنا في الإفساد السريع الأثر . وتقدم في قوله تعالى ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) في سورة يوسف .
A E