وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا أدب خلقي عظيم وهو أيضا إصلاح عقلي جليل يعلم الأمة التفرقة بين مراتب الخواطر العقلية بحيث لا يختلط عندها المعلوم والمظنون والموهوم . ثم هو أيضا إصلاح اجتماعي جليل يجنب الأمة من الوقوع والإيقاع في الأضرار والمهالك من جراء الاستناد إلى أدلة موهومة .
A E وقد صيغت جملة ( كل أولئك كان عنه مسئولا ) على هذا النظم بتقديم " كل " الدالة على الإحاطة من أول الأمر . وأتى باسم الإشارة دون الضمير بأن يقال : كلها كان عنه مسئولا لما في الإشارة من زيادة التمييز . وأقحم فعل " كان " لدلالته على رسوخ الخبر كما تقدم غير مرة .
و ( عنه ) جار ومجرور في موضع النائب عن الفاعل لاسم المفعول كقوله ( غير المغضوب عليهم ) . وقدم عليه للاهتمام وللرعي على الفاصلة . والتقدير : كان مسئولا عنه كما تقول : كان مسؤولا زيد . ولا ضير في تقديم المجرور الذي هو في زتبة نائب الفاعل وإن كان تقديم نائب الفاعل ممنوعا لتوسع العرب في الظروف والمجرورات ولأن تقديم نائب الفاعل الصريح بصيرة مبتدأ ولا يصلح أن يكون المجرور مبتدأ فاندفع مانع التقديم .
والمعنى : كل السمع والبصر والفؤاد كان مسؤولا عن نفسه ومحقوقا بأن يبين مستند صاحبه من حسه .
والسؤال : كناية عن المؤاخذة بالتقصير وتجاوز الحق كقول كعب : .
" وقيل إنك منسوب ومسؤول أي مؤاخذ بما اقترفت من هجو النبي A والمسلمين . وهو في الآية كناية بمرتبة أخرى عن مؤاخذة صاحب السمع والبصر والفؤاد بكذبه على حواسه . وليس هو بمجاز عقلي لمنافة اعتباره هنا تأكيد الإسناد ب ( إن ) و ب ( كل ) وملاحظة اسم الإشارة و ( كان ) . وهذا المعنى كقوله ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) أي يسأل السمع : هل سمعت ؟ فيقول : لم أسمع فيؤاخذ صاحبه بأن أسند إليه ما لم يبلغه إياه وهكذا .
والاسم الإشارة بقوله ( أولئك ) يعود إلى السمع والبصر والفؤاد وهو من استعمال اسم الإشارة الغالب استعماله للعامل في غير العاقل تنزيلا لتلك الحواس منزلة العقلاء لأنها جديرة بذلك إذ هي طريق العقل والعقل نفسه . على أن استعمال ( أولئك ) لغير العقلاء استعمال مشهور قيل هو استعمال حقيقي أو لأن هذا المجاز غلب حتى ساوى الحقيقة قال تعالى ( ما انزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض ) وقال : .
ذم المنازل بعد منزلة اللوى ... والعيش بعد أولئك الأيام وفيه تجريد لإسناد ( مسؤولا ) إلى تلك الأشياء بان المقصود سؤال أصحابها وهو من نكت بلاغة القرآن .
( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا [ 37 ] ) نهي عن خصلة من خصال الجاهلية وهي خصلة الكبرياء وكان أهل الجاهلية يتعمدونها . وهذه الوصية الخامسة عشرة .
والخطاب لغير معين ليعم كل مخاطب وليس خطابا للنبي A إذ لا يناسب ما بعده .
والمرح " بفتح الميم وفتح الراء " : شدة ازدهاء المرء وفرحه بحاله في عظمة الرزق . و ( مرحا ) مصدر وقع حالا من ضمير ( تمش ) . ومجيء المصدر حالا كمجيئه صفة يراد منه المبالغة في الاتصاف . وتأويله باسم الفاعل أي لا تمش مارحا أي مشية المارح وهي المشية الدالة على كبرياء الماشي بتمايل وتبختر . ويجوز أن يكون ( مرحا ) مفعولا مطلقا مبينا لفعل ( تمش ) لأن للمشي أنواعا منها : ما يال على أن صاحبه ذو مرح . فإسناد المرح إلى المشي مجاز عقلي . والمشي مرحا أن يكون في المشي شدة وطء على الأرض وتطاول في بدن الماشي .
وجملة ( إنك لن تخرق الأرض ) استئناف ناشئ عن النهي بتوجيه خطاب ثان في هذا المعنى على سبيل التهكم أي أنك أيها الماشي مرحا لا تخرق بمشيك أديم الأرض ولا تبلغ بتطاولك في مشيك طول الجبال فماذا يغريك بهذه المشية .
والخرق : قطع الشيء والفصل بين الأديم فخرق الأرض تمزيق قشر التراب . والكرم مستعمل في التغليظ بتنزيل الماشي الواطئ الأرض بشدة منزلة من يبتغي خرق وجه الأرض وتنزيله في تطاوله في مشيه إلى أعلى منزلة من يريد أن يبلغ طول الجبال