وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأما الحكمة فهي تعليم لمتطلبي الكمال من معلم يهتم بتعليم طلابه فلا تكون إلا في حالة حسنة فلا حاجة إلى التنبية على أن تكون حسنة .
والمجادلة لما كانت محاجة في فعل أو رأي لقصد الإقناع بوجه الحق فيه فهي لا تعدو أن تكون من الحكمة أو من الموعظة ولكنها جعلت قسيما لهما هنا بالنظر إلى الغرض الداعي إليها .
وإذ قد كانت مجادلة النبي A لهم من ذيول الدعوة وصفت بالتي هي أحسن كما وصفت الموعظة بالحسنة .
وقد كان المشركون يجادلون النبي قصدا لإفحامه وتمويها لتغليطه نبه الله على أسلوب مجادلة النبي إياهم استكمالا لآداب وسائل الدعوة كلها . فالضمير في ( وجادلهم ) عائد إلى المشركين بقرينة المقام لظهور أن المسلمين لا يجادلون النبي A ولكن يتلقون منه تلقي المستفيد والمسترشد . وهذا موجب تغيير الأسلوب بالنسبة إلى المجادلة إذ لم يقل : والمجادلة الحسنة بل قال ( وجادلهم ) وقال تعالى أيضا ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) .
ويندرج في ( التي هي أحسن ) رد تكذيبهم بكلام غير صريح في إبطال قولهم من الكلام الموجه مثل قوله تعالى ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) وقوله ( وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ) .
والآية تقتضي أن القرآن مشتمل على هذه الطرق الثلاثة من أساليب الدعوة وأن الرسول A إذا دعا الناس بغير القرآن من خطبه ومواعظه وإرشاده يسلك معهم هذه الطرق الثلاثة . وذلك كله بحسب ما يقتضيه المقام من معاني الكلام ومن أحوال المخاطبين من خاصة وعامة .
A E وليس المقصود لزوم كون الكلام الواحد مشتملا على هذه الأحوال الثلاثة ؛ بل قد يكون الكلام حكمة مشتملا على غلظة ووعيد وخاليا عن المجادلة . وقد يكون مجادلة غير موعظة كقوله تعالى ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن ياتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) .
وكقول النبي A " إنك لتأكل المرباع وهو حرام في دينك ) قاله لعدي بن حاتم وهو نصراني قبل إسلامه .
ومن الإعجاز العلمي في القرآن أن هذه الآية جمعت أصول الاستدلال العقلي الحق وهي البرهان والخطابة والجدل المعبر عنها في علم المنطق بالصناعات وهي المقبولة من الصناعات . وأما السفسطة والشعر فيربأ عنهما الحكماء الصادقون بله الأنبياء والمرسلين .
قال فخر الدين : إن الدعوة إلى المذهب والمقالة لا بد من أن تكون مبنية على حجة . والمقصود من ذكر الحجة إما تقرير ذلك المذهب وذلك الاعتقاد في قلوب السامعين وإما إلزام الخصم وإفحامه .
أما القسم الأول فينقسم إلى قسمين لأن تلك الحجة إما أن تكون حجة حقيقية يقينية مبراة من احتمال النقيض وإما أن لا تكون كذلك بل تكون مفيدة ظنا ظاهرا وإقناعا فظهر انحصار الحجج في هذه الأقسام الثلاثة : أولها : الحجة المفيدة للعقائد اليقينية وذلك هو المسمى بالحكمة .
وثانيها : الأمارات الظنية وهي الموعظة الحسنة .
وثالثها : الدلائل التي القصد منها إفحام الخصم وذلك هو الجدل .
وهو على قسمين لأنه : إما أن يكون مركبا من مقدمات مسلمة عند الجمهور وهو الجدل الواقع على الوجه الأحسن وإما أن يكون مركبا من مقدمات باطلة يحاول قائلها ترويجها على المستمعين بالحيل الباطلة . وهذا لا يليق بأهل الفضل اه .
وهذا هو المدعو فيا لمنطق بالسفسطة ومنه المقدمات الشعرية وهي سفسطة مزوقة .
والآية جامعة لأقسام الحجة الحق جمعا لمواقع أنواعها في طرق الدعوة ولكن على وجه التداخل لا على وجه التباين والتقسيم كما هو مصطلح المنطقيين فإن الحجج الاصطلاحية عندهم بعضها قسيم لبعض فالنسبة بينها التباين . أما طرق الدعوة الإسلامية فالنسبة بينها العموم والخصوص المطلق أو الوجهي . وتفصيله يخرج بنا إلى تطويل وذهنك في تفكيكها غير كليل .
فإلى الحكمة ترجع صناعة البرهان لأنه يتألف من المقدمات اليقينية وهي حقائق ثابتة تقتضي حصول معرفة الأشياء على ما هي عليه