وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالحكمة : هي المعرفة المحكمة أي الصائبة المجردة عن الخطأ فلا تطلق الحكمة إلا على المعرفة الخالصة عن شوائب الأخطاء وبقايا الجهل في تعليم الناس وفي تهذيبهم . ولذلك عرفوا الحكمة بأنها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بحسب الطاقة البشرية بحيث لا تلتبس على صاحبها الحقائق المتشابهة بعضها ببعض ولا تخطئ في العلل والأسباب . وهي اسم جامع لكل كلام أو علم يراعى فيه إصلاح حال الناس واعتقادهم إصلاحا مستمرا لا يتغير . وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ) في سورة البقرة مفصلا فانظره . وتطلق الحكمة على العلوم الحاصلة للأنبياء ويرادفها الحكم .
والموعظة : القول الذي يلين نفس المقول له لعمل الخير . وهي أخص من الحكمة لأنها حكمة في أسلوب خاص لإلقائها . وتقدمت عند قوله تعالى ( فأعرض عنهم وعطفهم ) في سورة النساء . وعند قوله ( موعظة وتفصيلا لكل شيء ) في سورة الأعراف .
ووصفها بالحسن تحريض على أن تكون لينة مقبولة عند الناس أي حسنة في جنسها وإنما تتفاضل الأجناس بتفاضل الصفات المقصودة منها .
وعطف ( الموعظة ) على ( الحكمة ) لأنها تغاير الحكمة بالعموم والخصوص الوجهي فإنه قد يسلك بالموعظة مسلك الإقناع فمن الموعظة حكمة ومنها خطابة ومنها جدل .
وهي من حيث ماهيتها وبين الحكمة العموم والخصوص من وجه ولكن المقصود بها ما لا يخرج عن الحكمة والموعظة الحسنة بقرينة تغيير الأسلوب إذ لم يعطف مصدر المجادلة على الحكمة والموعظة بأن يقال : والمجادلة بالتي هي أحسن بل جيء بفعلها على أن المقصود تقييد الإذن فيها بأن تكون كالتي هي أحسن كما قال ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .
A E والمجادلة : الاحتجاج لتصويب رأي وإبطال ما يخالفه أو عمل كذلك . ولما كان ما لقيه النبي A من أذى المشركين قد يبعثه على الغلظة في المجادلة أمره الله بأن يجادلهم بالتي هي أحسن . وتقدمت قريبا عند قوله ( تجادل عن نفسها ) . وتقدمت من قبل عند قوله ( ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ) في سورة النساء . والمعنى : إذا ألجأت الدعوة إلى محاجة المشركين فحاججهم بالتي هي أحسن .
والمفضل عليه المحاجة الصادرة منهم فإن المجادلة تقتضي صدور الفعل من الجانبين فعلم أن المأمور به أن تكون المحاجة الصادرة منه أشد حسنا من الحاجة الصادرة منهم كقوله تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن ) .
ولما كانت المجادلة لا تكون إلا مع المعارضين صرح في المجادلة بضمير جمع الغائبين المراد منه المشركون فإن المشركين متفاوتون في كيفيات محاجتهم فمنهم من يحاج بلين مثل ما في الحديث : أن النبي A قرأ القرآن على الوليد بن المغيرة ثم قال له : ( هل ترى بما أقول بأسا ) قال : لا والماء . وقرأ النبي A القرآن على عبد الله بن أبي بن سلول في مجلس قومه فقال عبد الله بن أبي : أيها المرء إن كان ما تقول حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدث إياه ومن لم يأتك فلا تغته ولا تأته في مجلسه بما يكره منه .
وتصدى المشركون لمجادلة النبي A تكرر غير مرة . ومن ذلك ما روي عن ابن عباس : أنه لما نزل قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) الآية قال عبد الله الزبعري : لأخصمن محمدا فجاءه فقال : يا محمد قد عبد عيسى وعبدت الملائكة فهل هم حصب لجهنم ؟ فقال النبي A " اقرأ ما بعد " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " . أخرجه ابن المنذر وابن مردويه والطبراني وأبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ .
وقيدت الموعظة بالحسنة ولم تقيد الحكمة بمثل ذلك لأن الموعظة لما كان المقصود منها غالبا ردع نفس الموعوظ عن أعماله السيئة أو عن توقع ذلك منه كانت مظنة لصدور غلظة من الواعظ ولحصول انكسار في نفس الموعوظ أرشد الله رسوله أن يتوخى في الموعظة أن تكون حسنة أي بإلانة القول وترغيب الموعوظ في الخير قال تعالى خطابا لموسى وهارون ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا بينا لعله يتذكر أو يخشى ) .
وفي حديث الترمذي عن العرباض بن سارية أنه قال : " وعظنا رسول الله A موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون " الحديث