وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد ادخر الله تعالى لمحمد A أن يكون هو الوارث لأصول إبراهيم فجعل لليهود والنصارى دينا مخالفا لملة إبراهيم ونصب على ذلك شعارا وهو اليوم الذي يعرف به أصل ذلك الدين وتغيير ذلك اليوم عند بعثة المسيح " عليه السلام " إشارة إلى ذلك لئلا يكون يوم السبت مسترسلا في بني إسرائيل تنبيها على أنهم عرضة لنسخ دينهم بدين عيسى " عليه السلام " وإعدادا لهم لتلقي نسخ آخر بعد ذلك بدين آخر يكون شعاره يوما آخر غير السبت وغير الأحد . فهذا هو التفسير الذي به يظهر انتساق الآي بعضها مع بعض .
و ( بينهم ) ظرف للحكم المستفاد من ( يحكم ) أي حكما بين ظهرانيهم . وليست ( بينهم ) لتعدية ( يحكم ) إذ ليس ثمة ذكر الاختلاف بين فريقين هنا .
( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) يتنزل معنى هذه الآية منزلة البيان لقوله ( أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) فإن المراد بما أوحي إليه من اتباع ملة إبراهيم هو دين الإسلام ودين الإسلام مبني على قواعد الحنيفية فلا جرم كان الرسول A بدعوته الناس إلى الإسلام داعيا إلى اتباع ملة إبراهيم .
ومخاطبة الله رسوله A بهذا الأمر في حين أنه داع إلى الإسلام وموافق لأصول ملة إبراهيم دليل على أن صيغة الأمر مستعملة في طلب الدوام على الدعوة الإسلامية مع ما انضم إلى ذلك من الهداية إلى طرائق الدعوة إلى الدين .
A E فتضمنت هذه الآية تثبيت الرسول A على الدعوة وأن لا يؤيسه قول المشركين له ( إنما أنت مفتر ) وقولهم ( إنما يعلمه بشر ) ؛ وأن لا يصده عن الدعوة أنه تعالى لا يهدي الذين لا يؤمنون بآيات الله . ذلك أن المشركين لم يتركوا حيلة يحسبونها تثبط النبي A عن دعوته إلا ألأقوا بها إليه من : تصريح بالتكذيب واستسخار وتهديد وبذاءة واختلاق وبهتان كما ذلك محكي في تضاعيف القرآن وفي هذه السورة لأنهم يجهلون مراتب أهل الاصطفاء ويزنونهم بمعيار موازين نفوسهم فحسبوا ما يأتونه من الخزعبلات مثبطا له وموشكا لأن يصرفه عن دعوتهم .
وسبيل الرب : طريقة . وهو مجاز لكل عمل من شأنه أن يبلغ عامله إلى رضى الله تعالى لأن العمل الذي يحصل لعامله غرض ما يشبه الطريق الموصل إلى مكان مقصود فلذلك يستعار اسم السبيل لسبب الشيء .
قال القرطبي : إن هذه الآية نزلت بمكة في وقت الأمر بمهادنة قريش أي في مدة صلح الحيبية .
وحكى الواحدي عن ابن عباس : أنها نزلت عقب غزوة أحد لما أحزن النبي A منظر المثلة بحمزة " Bه " وقال " لأقتلن مكانه سبعين رجلا منهم " . وهذا يقتضي أن الآية مدنية .
ولا أحسب ما ذكراه صحيحا . ولعل الذي غر من رواه قوله ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) كما سيأتي بل موقع الآية متصل بما قبله غير محتاج إلى إيجاد سبب نزول .
وإضافة ( سبيل ) إلى ( ربك ) باعتبار أن الله أرشد إليه وأمر بالتزامه . وهذه الإضافة تجريد للاستعارة . وصار هذا المركب علما بالغلبة على دين الإسلام كما في قوله تعالى ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ) وهو المراد هنا وفي قوله عقبه ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ) .
ويطلق سبيل الله علما بالغلبة أيضا على نصرة الدين بالقتال كما في قوله تعالى ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) .
والباء في قوله ( بالحكمة ) للملابسة كالباء في قول العرب للمعرس : بالرفاء والبنين بتقدير : أعرست يدل عليه المقام وهي إما متعلقه ب ( ادع ) أو في موضع الحال من ضمير ( ادع ) .
وحذف مفعول ( ادع ) لقصد التعميم . أو لأن الفعل نزل منزلة اللازم لأن المقصود الدوام على الدعوة لا بيان المدعوين لأن ذلك أمر معلوم من حال الدعوة .
ومعنى الملابسة يقتضي أن لا تخلو دعوته إلى سبيل الله عن هاتين الخصلتين : الحكمة والموعظة الحسنة