وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين [ 107 ] ) هذه الجملة واقعة موقع التعليل فلذلك فصلت عن التي قبلها وإشارة ذلك إلى مضمون قوله ( فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) .
وضمير ( بأنهم ) عائد إلى ( من كفر بالله ) سواء كان ما صدق ( من ) معينا أو مفروضا على أحد الوجهين السابقين .
والباء للسببية فمدخولها سبب .
و ( استحبوا ) مبالغة في ( أحبوا ) مثل استأخر واستكان . وضمن ( استحبوا ) معنى ( فضلوا ) بحرف ( على ) أي لأنهم قدموا نفع الدنيا على نفع الآخرة لأنهم قد استقر في قلوبهم أحقية الإسلام وما رجعوا عنه إلا خوف الفتنة أو رغبة في رفاهية العيش فيكون كفرهم اشد من كفر المستصحبين للكفر من قبل البعثة .
( وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ) سبب ثان للغضب والعذاب أي وبأن الله حرمهم الهداية فهم موافونه على الكفر . وقد تقدم تفسير ذلك عند قوله تعالى ( إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ) .
A E وهو تذييل لما في صيغة ( القوم الكافرين ) من العموم الشامل للمتحدث عنهم وغيرهم فليس ذلك إظهارا في مقام الإضمار ولكنه عموم بعد خصوص .
وإقحام لفظ ( قوم ) للدلالة على أن من كان هذا شأنهم فقد عرفوا به وتمكن منهم وصار سجية حتى كأنهم يجمعهم هذا الوصف .
وقد تقدم أن جريان وصف أو خبر على لفظ ( قوم ) يؤذن بأنه من مقومات قوميتهم كما في قوله تعالى ( لآيات لقوم يعقلون ) في سورة لبقرة وقوله تعالى ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) في سورة يونس .
( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون [ 108 ] لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون [ 109 ] ) جملة مبينة لجملة ( وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ) بأن حرمانهم الهداية بحرمانهم الانتفاع بوسائلها : من النظر الصادق في دلائل الوحدانية ومن الوعي لدعوة الرسول A والقرآن المنزل عليه . ومن ثبات القلب على حفظ ما داخله من الإيمان حيث انسلخوا منه بعد أن تلبسوا به .
وافتتاح الجملة باسم الإشارة لتمييزهم تمييزا تبيينا لمعنى الصلة المتقدمة وهي اتصافهم بالارتداد إلى الكفر بعد الإيمان بالقول والاعتقاد .
وأخبر عن اسم الإشارة بالموصول لما فيه من الإيماء إلى وجه بناء الحكم المبين بهذه الجملة . وهو مضمون جملة ( فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) .
والطبع : مستعار لمنع وصول الإيمان وأدلته على طريقة تشبيه المعقول بالمحسوس . وقد تقدم مفصلا عند قوله تعالى ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) في سورة البقرة .
وجملة ( وأولئك هم الغافلون ) تكملة للبيان أي الغافلون الأكملون في الغفلة لأن الغافل البالغ الغاية ينافي حالة الاهتداء .
والقصر قصر موصوف على صفة وهو حقيقي ادعائي يقصد به المبالغة اعدم الاعتداء بالغافلين غيرهم لأنهم بلغوا الغاية في الغفلة حتى عد كل غافل غيرهم كمن ليس بغافل . ومن هنا جاء معنى الكمال في الغفلة لا من لام التعريف .
وجملة ( لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ) واقعة موقع النتيجة لما قبلها لأن ما قبلها صار كالدليل على مضمونها ولذلك افتتحت بكلمة نفي الشك .
فإن ( لا جرم ) بمعنى ( لا محالة ) أو ( لا بد ) . وقد تقدم آنفا في هذه السورة عند قوله تعالى ( لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) . وتقدم بسط تفسيرها عند قوله تعالى ( لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون ) في سورة هود .
والمعنى : أن خسارتهم هي الخسارة لأنهم أضاعوا النعيم إضاعة أبدية .
ويجري هذا المعنى على كلا الوجهين المتقدمين في ما صدق ( من ) من قوله ( من كفر بالله ) الآية .
ووقع في سورة هود ( هم الأخسرون ) ووقع هنا ( هم الخاسرون ) لأن آية سورة هود تقدمها ( أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ) فكان المقصود بيان خسارتهم في الآخرة أشد من خسارتهم في الدنيا .
( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم [ 110 ] )