وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن الآية إن كانت تشير إلى نفر كفروا بعد إسلامهم كانت ( من ) موصولة وهي مبتدأ والخبر ( فعليهم غضب من الله ) . وقرن الخبر بالفاء لأن في المبتدأ شبها بأداة الشرط . وقد يعامل الموصول معاملة الشرط ووقع في القرآن في عير موضع . ومنه قوله تعالى ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ) وقوله تعالى ( والذين يكنزون الذهب والفضة ) إلى قوله ( فبشرهم بعذاب أليم ) في سورة براءة . وقيل : إن فريقا كفروا بعد إسلامهم كما روي في شأن جبر غلام ابن الحضرمي . وهذا الوجه أليق بقوله تعالى ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ) الآية .
وإن كان ذلك لم يقع فالآية مجرد تحذير للمسلمين من العود إلى الكفر ولذلك تكون ( من ) شرطية والشرط غير مراد به معين بل هو تحذير أي من يكفروا بالله لأن الماضي في الشرط ينقلب إلى معنى المضارع ويكون قوله ( فعليهم غضب من الله ) جوابا .
والتحذير حاصل على كلا المعنيين .
A E وأما قوله ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) فهو ترخيص ومعذرة لما من عمار بن ياسر وأمثاله إذا اشتد عليهم عذاب من فتنوهم .
وقوله ( إلا من أكره ) استثناء من عموم ( من كفر ) لئلا يقع حكم الشرط عليه أي إلا من أكرهه المشركون على الكفر أي على إظهاره فأظهره بالقول لكنه لم يتغير اعتقاده . وهذا فريق رخص الله لهم ذلك كمما سيأتي .
ومصحح الاستثناء هو الذي قال قول قد كفر بلفظه .
والاستدراك بقوله ( ولكن من شرح بالكفر صدرا ) استدرك على الاستثناء وهو احتراس من أن يفهم أن المكره مرخص له أن ينسلخ عن الإيمان من قلبه .
و ( من شرح ) معطوف ب ( لكن ) على ( من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) لأنه في معنى المنفي لوقوعه عقب الاستثناء من المثبت فحرف ( لكن ) عاطف ولا عبرة بوجود الواو على التحقيق .
واختير ( فعليهم غضب ) دون نحو : فقد غضب الله عليهم لما تدل عليه الجملة الاسمية من الدوام والثبات أي غضب لا مغفرة معه .
وتقديم الخبر المجرور على المبتدأ للاهتمام بأمرهم فقدم ما يدل عليهم ولتصحيح الإتيان إنكرة حين قصد بالتنكير التعظيم أي غضب عظيم فاكتفى بالتنكير عن الصفة .
وأما تقديم ( لهم ) على ( عذاب عظيم ) فللاهتمام .
والإكراه : الإلجاء إلى فعل ما يكره فعله . وغنما يكون ذلك بفعل شيء تضيق عن تحمله طاقة الإنسان من إيلام بالغ أو سجن أو قيد أو نحوه .
وقد رخصت هذه الآية للمكره على إظهار الكفر أن يظهره بشيء من مظاهره التي يطلق عليها أنها كفرت في عرف الناس من قول أو فعل .
وقد أجمع علماء الإسلام على الأخذ بذلك في أقوال الكفر فقالوا : فمن أكره على الكفر غير جارية عليه أحكام الكفر لأن الإكراه قرينة على أن كفره تقية ومصانعة بعد أن كان مسلما . وقد رخص الله ذلك رفقا بعباده واعتبارا للأشياء بغاياتها ومقاصدها .
وفي الحديث : أن ذلك وقع لعمار بن ياسر وأنه ذكر ذلك للنبي A فصوبه وقال له : " وإن عادوا لك فعد " واجمع على ذلك العلماء . وشذ محمد بن الحسن فأجرى على هذا التظاهر بالكفر حكم الكفار في الظاهر كالمرتد فيستتاب عن المكنة منه .
وسوى جمهور العلماء بين أقوال الكفر وأفعاله كالسجود للصنم . وقالت طائفة : إن الإكراه على أفعال الكفر لا يبيحها . ونسب إلى الأوزاعي وسحنون والحسن البصري وهي تفرقة غير واضحة . وقد ناط الله الرخصة باطمئنان القلب بالإيمان وغفر ما سول القلب .
وإذا كان الإكراه موجب الرخصة في إظهار الكفر فهو في غير الكفر من المعاصي أولى كشرب الخمر والزنا وفي رفع أسباب المؤاخذة في غير الاعتداء على الغير كالإكراه على الطلاق أو البيع .
وأما في الاعتداء على الناس من ترتب الغرم فبين مراتب الإكراه ومراتب الاعتداء المكروه عليه تفاوت وأعلاها الإكراه على قتل نفس . وهذا يظهر أنه لا يبيح الإقدام على القتل لأن التوعد قد لا يتحقق وتفوت نفس القتيل .
على أن أنواعا من الاعتداء قد يجعل الإكراه ذريعة إلى ارتكابها بتواطئ بين المكره والمكره . ولهذا كان للمكره " بالكسر " جانب من النظر في حمل التبعة عليه .
وهذه الآية لم تتعرض لغير مؤاخذة الله تعالى في حقه المحض وما دون ذلك فهو مجال الاجتهاد . والخلاف في طلاق المكره معلوم والتفاصيل والتفاريع مذكورة في كتب الفروع وبعض التفاسير