وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعرف ( الكذب ) بأداة تعريف الجنس الدالة على تميز ماهية الجنس واستحضارها فإن تعريف اسم الجنس أقوى من تنكيره كما تقدم في قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين ) .
وعبر عن المقصور عليهم باسم الموصول دون أن يذكر ضميرهم فيقال : إنما يفتري الكذب أنتم ليفيد اشتهارهم بمضمون الصلة ولأن للصلة أثرا في افترائهم لما تفيده الموصولية من الإيماء إلى وجه بناء الخبر .
وعليه فإن من لا يؤمن بالدلائل الواضحة التي هي آيات صدق لا يسعه إلا الافتراء لترويج نكذيبه بالدلائل الواضحة . وفي هذا كناية عن كون تكذيبهم بآيات الله عن مكابرة لا عن شبهة .
A E ثم أردفت جملة القصر بجملة قصر أخرى بطريق ضمير الفصل وطريق تعريف المسند وهي جملة ( وأولئك هم الكاذبون ) .
وافتتحت باسم الإشارة بعد إجراء وصف انتفاء الإيمان بآيات الله عنهم لينبه على أن المشار إليهم جديرون بما يرد من الخبر بعد اسم الإشارة وهو قصرهم على الكذب لأن من لا يؤمن بآيات الله يتخذ الكذب ديدنا له متجددا .
وجعل المسند في هذه الجملة معرفا باللام ليفيد أن جنس الكاذبين اتحد بهم وصار منحصرا فيهم أي الذين تعرف أنهم طائفة الكاذبين هم هؤلاء . وهذا يؤول إلى معنى قصر جنس المسند على المسند إليه فيحصل قصران في هذه الجملة : قصر موصوف على صفة وقصر تلك الصفة على ذلك الموصوف . والقصران الأولان الحاصلان من قوله ( إنما يفتري ) وقوله ( وأولئك هم ) إضافيان أي لا غيرهم الذي رموه بالافتراء وهو محاشى منه . والثالث ( أولئك هم الكاذبون ) قصر حقيقي ادعائي للمبالغة . إذ نزل بلوغ الجنس فيهم مبلغا قويا منزلة انحصاره فيهم .
واختير في الصلة صيغة ( لا يؤمنون ) دون : لم يؤمنوا . لتكون على وزان ما عرفوا به سابقا في قوله ( إن الذين لا يؤمنون بآيات الله ) ولما في المضارع من الدلالة على أنهم مستمرون على انتفاء الإيمان لا يثبت لهم ضد ذلك .
( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم [ 106 ] ) لما سبق التحذير من نقض عهد الله الذي عاهدوه وأن لا يغرهم ما لأمة المشركين من السعة والربو والتحذير من زلل القدم بعد ثبوتها وبشروا بالوعد بحياة طيبة وجزاء أعمالهم الصالحة من الإشارة إلى التمسك بالقرآن والاهتداء به وأن لا تغرهم شبه المشركين وفتونهم في تكذيب القرآن عقب ذلك بالوعيد على الكفر بعد الإيمان فالكلام استئناف ابتدائي .
ومناسبة الانتقال أن المشركين كانوا يحاولون فتنة الراغبين في الإسلام والذين أسلموا . فلذلك رد عليهم بقوله ( قل نزله روح القدس ) إلى قوله ( ليثبت الذين آمنوا ) وكانوا يقولون ( إنما يعلمه بشر ) فرد عليهم بقوله ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ) .
وكان الغلام الذي عنوه بقولهم ( إنما يعلمه بشر ) قد أسلم ثم فتنه المشركون فكفر وهو جبر مولى عامر بن الحضرمي . وكانوا راودوا نفرا من المسلمين على الارتداد منهم : بلال وخباب بن الأرت وياسر وسمية أبوا عمار بن ياسر وعمار ابنهما فثبتوا على الإسلام . وفتنوا عمارا فأظهر لهم الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان . وفتنوا نفرا آخرين فكفروا وذكر منهم الحارث بن ربيعة بن الأسود وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وعلي بن أمية بن خلف والعاصي بن منبه بن الحجاج . وأحسب أن هؤلاء هم الذين نزل فيهم قوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) في سورة العنكبوت فكان من هذه المناسبة رد لعجز الكلام على صدره .
على أن مضمون ( من كفر بالله من بعد إيمانه ) مقابل لمضمون ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ) فحصل الترهيب بعد الترغيب كما ابتدئ بالتحذير تحفظا على الصالح من الفساد ثم أعيد الكلام بإصلاح الذين اعتراهم الفساد وفتح باب الرخصة للمحافظين على صلاحهم بقدر الإمكان