وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

جملة معترضة . وورود هذه الآية عقب ذكر اختلاق المتقعرين على القرآن المرجفين بالقالة فيه بين الدهماء يومئ إلى أن المراد بالذين لا يؤمنون هم أولئك المردود عليهم آنفا . وهم فريق معلوم بشدة العداوة للنبي A وبالتصلب في التصدي لصرف الناس عنه بحيث بلغوا من المفر غاية ما وراءها غاية فحقت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون فهؤلاء فريق غير معين يومئذ ولكنهم مشار إليهم على وجه الإجمال وتكشف عن تعيينهم عواقب أحوالهم .
A E فقد كان من الكافرين بالنبي A أبو جهل وأبو سفيان . وكان أبو سفيان أطول مدة في الكفر من أبي جهل ؛ ولكن أبا جهل كان يخلط كفره بأذى النبي A والحنق عليه . وكان أبو سفيان مقتصرا على الانتصار لدينه ولقومه ودفع المسلمين عن أن يغلبوهم فحرم الله أبا جهل الهداية فأهلكه كافرا وهدى أبا سفيان فأصبح من خيرة المؤمنين . وتشرف بصهر النبي A . وكان الوليد بن المغيرة وعمر بن الخطاب كافرين وكان كلاهما يدفع الناس من اتباع الإسلام ولكن الوليد كان يختلق المعاذير والمطاعن في القرآن وذلك من الكيد وعمر كان يصرف الناس بالغلظة علنا دون اختلاق فحرم الله الوليد بن المغيرة الاهتداء وهدى عمر إلى الإسلام فأصبح الإسلام به عزيز الجانب . فتبين الناس أن الوليد من الذين لا يؤمنون بآيات الله وأن عمر ليس منهم وقد كانا معا كافرين في زمن ما . ويشير إلى هذا المعنى الذي ذكرناه قوله تعالى ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) فوصف من لا يهديه الله بوصفين الكذب وشدة الكفر .
فتبين أن معنى قوله تعالى ( الذين لا يؤمنون بآيات الله ) من كان الإيمان منافيا لجبلة طبعه لا لأميال هواه . وهذا يعلم الله أنه لا يؤمن وأنه ليس معرضا للإيمان فلذلك لا يهديه الله أي لا يكون الهداية في قلبه .
وهذا الأسلوب عكس أسلوب قوله تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون ) وكل يرمي إلى معنى عظيم .
فموقع هذه الجملة من التي قبلها موقع التعليل لجميع أقوالهم المحكية والتذييل لخلاصة أحوالهم ولذلك فصلت بدون عطف .
وعطف ( ولهم عذاب أليم ) على ( لا يهديهم الله ) للدلالة على حرمانهم من الخير وإلقائهم في الشر لأنهم إذا حرموا الهداية فقد وقعوا في الضلالة وماذا بعد الحق إلا الضلال وهذا كقوله تعالى ( كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعر ) . ويشمل العذاب عذاب الدنيا وهو عذاب القتل مثل ما أصاب أبا جهل يوم بدر من ألم الجراح وهو في سكرات الموت ثم من إهانة الإجهاز عليه عقب ذلك .
( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون [ 105 ] ) هذا رد لقولهم ( إنما أنت مفتر ) بقلب ما زعموه عليهم كما كان قوله تعالى ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ) جوابا عن قولهم ( إنما يعلمه بشر ) . فيعد أن نزه القرآن عن أن يكون مفترى والمنزل عليه عن أن يكون مفتريا ثني العنان لبيان من هو المفتري . وهذا من طريقة القلب في الحال .
ووجه مناسبة ذكره هنا أن قولهم ( إنما يعلمه لشر ) يستلزم تكذيب النبي A في أن ما جاء به منزل إليه من عند الله فصاروا بهذا الاعتبار يؤكدون بمضمونه قولهم ( إنما أنت مفتر ) يؤكد أحد القولين القول الآخر فلما رد قولهم ( إنما أنت مفتر ) بقوله ( بل أكثرهم لا يعلمون قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) . وردت مقالتهم الأخرى في صريحها بقوله ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ) ورد مضمونها هنا بقوله ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون ) الآية حاصلا به رد نظيرها أعني قولهم ( إنما أنت مفتر ) بكلام أبلغ من كلامهم لأنهم أتوا في قولهم ( إنما أنت مفتر ) بصيغة قصر هي أبلغ مما قالوه لأن قولهم ( إنما أنت مفتر ) قصر للمخاطب على صفة الافتراء الدائمة إذ الجملة الاسمية تقتضي الثبات والدوام فرد عليهم بصيغة تقصرهم على الافتراء المتكرر المتجدد إذ المضارع يدل على التجدد .
وأكد فعل الافتراء بمفعولية الذي هو بمعنى المفعول المطلق لكونه آيلا إليه المعنى