وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وحكاية طعنهم في النبي A بصيغة قصر الموصوف على الصفة فجعلوه لا صفة له إلا الافتراء وهو قصر إضافي أي لست بمرسل من الله . وهذا من مجازفتهم وسرعتهم في الحكم الجائر فلم يقتصروا على أن تبديله افتراء بل جعلوا الرسول مقصورا على كونه مفتريا لإفادة أن القرآن الوارد مقصور على كونه افتراء .
A E وأصل الافتراء : الاختراع وغلب على اختراع الخبر أي اختلافه فساوى الكذب في المعنى ولذلك قد يطلق وحده كما هنا وقد يطلق مقترفا بالكذب كقوله الآتي ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون ) إرجاعا به إلى أصل الاختراع فيجعل له مفعول هو آيل إلى معناه فصار في معنى المفعول المطلق . وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ) في سورة العقود .
و ( بل ) للإضراب الإبطالي على كلامهم وهو من طريقة النقض الإجمالي في علم المناظرة .
وضمير ( أكثرهم ) للذين قالوا إنما أنت مفتر أي ليس كما قالوا ولكن أكثر القائلين ذلك لا يعلمون أي لايفهمون وضع الكلام مواضعه وحمله محامله .
وفهم من الحكم على أكثرهم بعدم العلم أن قليلا منهم يعلمون أن ذلك ليس افتراء ولكنهم يقولون ذلك تلبيسا وبهتانا ولا يعلمون أن التنزيل من عند الله لا ينافي إبطال بعض الأحكام إذا اختلفت المصالح أو روعي الرفق .
ويجوز حمل لفظ أكثر على إرادة جميعهم كما تقدم في هذه السورة .
( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين [ 102 ] ) جواب عن قولهم ( إنما أنت مفتر ) فلذلك فصل فعل ( قل ) لوقوعه في المحاورة أي قل لهم : لست بمفتر ولا القرآن بافتراء بل نزله روح القدس من الله . وفي أمره بان يقول لهم ذلك شد لعزمه لكيلا يكون تجاوزهم الحد في البهتان صارفا إياه عن محاورتهم .
فيعد أن أبطل الله دعواهم عليه أنه مفتر بطريقة النقض أمر رسوله أن يبين لهم ماهية القرآن . وهذه نكتة الالتفات في قوله تعالى ( من ربك ) الجاري على خلاف مقتضى ظاهر حكاية المقول المأمور بان يقوله لأن مقتضى الظاهر أن يقول : من ربي فوقع الالتفات إلى الخطاب تأنيسا للنبي A بزيادة توغل الكلام معه في طريقة الخطاب .
واختير اسم الرب لما فيه من معنى العناية والتدبير .
وروح القدس : جبريل . وتقدم عند قوله تعالى ( وأيدناه بروح القدس ) في سورة البقرة . والروح : الملك قال تعالى ( فأرسلنا إليها روحنا ) أي ملكا من ملائكتنا .
والقدس : الطهر . وهو هنا مراد به معنياه الحقيقي والمجازي الذي هو الفضل وجلالة القدر .
وإضافة الروح إلى القدس من إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم : حاتم الجود . وزيد الخير . والمراد : حاتم الجواد . وزيد الخير . فالمعنى : الملك المقدس .
والباء في ( بالحق ) للملابسة وهي ظرف مستقر في موضع الحال من الضمير المنصوب في ( نزله ) مثل ( تنبت بالدهن ) أي ملابسا للحق لا شائبة للباطل فيه .
وذكرت علة من علل إنزال القرآن على الوصف المذكور أي تبديل آية مكان آية بأن في ذلك تثبيتا للذين آمنوا إذ يفهمون محمل كل آية ويهتدون بذلك وتكون آيات البشرى بشارة لهم وآيات الإنذار محمولة على أهل الكفر .
ففي قوله تعالى ( نزله روح القدس من ربك ) إبطال لقولهم ( إنما أنت مفتر ) وفي قوله تعالى ( بالحق ) إيقاظ للناس بان ينظروا في حكمة اختلاف أغراضه وأنها حق .
وفي التعليل بحكمة التثبيت والهدى والبشرى بيان لرسوخ إيمان المؤمنين وسداد آرائهم في فهم الكلام السامي وأنه تثبيت لقلوبهم بصحة اليقين وهدى وبشرى لهم .
وفي تعلق الموصول وصلته بفعل التثبيت إيماء إلى أن حصول ذلك لهم بسبب إيمانهم فيفيد تعريضا بأن غير المؤمنين تقتصر مداركهم عن إدراك ذلك الحق فيختلط عليهم الفهم ويزدادون كفرا ويضلون ويكون نذارة لهم .
والمراد بالمسلمين الذين آمنوا فكان مقتضى الظاهر أن يقال : وهدى وبشرى لهم فعدل إلى الإظهار لزيادة مدحهم بوصف آخر شريف .
وقوله تعالى ( هدى وبشرى ) عطف على الجار والمجرور من قوله ( ليثبت ) فيكون ( هدى وبشرى ) مصدرين في محل نصب على المفعول لأجله لأن قوله ( ليثبت ) وإن كان مجرور اللفظ باللام إذ لا يسوغ نصبه على المفعول لأجله لأنه ليس مصدرا صريحا