وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

روي عن ابن عباس أنه قال ( كان إذا نزلت آية فيها شدة ثم نزلت آية ألين منها يقول كفار قريش : والله ما محمد إلا يسخر بأصحابه اليوم يأمر بأمر وغدا ينهى عنه وأنه لا يقول هذه الأشياء إلا من عند نفسه ) اه .
A E وهذه الكلمة أحسن ما قاله المفسرون في حاصل معنى هذه الآية . فالمراد من التبديل في قوله تعالى ( بدلنا ) مطلق التغاير بين الأغراض والمقامات أو التغاير في المعاني واختلافها باختلاف المقاصد والمقامات مع وضوح الجمع بين محاملها .
والمراد بالآية الكلام التام من القرآن وليس المراد علامة صدق الرسول A أعني المعجزة بقرينة قوله تعالى ( والله أعلم بما ينزل ) .
فيشمل التبديل نسخ الأحكام مثل نسخ قوله تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) بقوله تعالى ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) . وهذا قليل في القرآن الذي يقرأ على المشركين لأن نسخ الأحكام إنما كثر بعد الهجرة حين تكونت الجامعة الإسلامية . وأما نسخ التلاوة فلم يرد من الآثار ما يقتضي وقوعه في مكة فمن فسر به الآية كما نقل عن مجاهد فهو مشكل .
ويشمل التعارض بالعموم والخصوص ونحو ذلك من التعارض الذي يحمل بعضه على بعض فيفسر بعضه ويؤول بعضه بعضا كقوله تعالى ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ) في سورة الشورى مع قوله تعالى ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ) في سورة المؤمن فيأخذون بعموم ( ويستغفرون لمن في الأرض ) فيجعلونه مكذبا لخصوص ( ويستغفرون للذين آمنوا ) فيزعمونه إعراضا عن أحد الأمرين إلى الأخير منهما .
وكذلك قوله تعالى ( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ) يأخذون من ظاهره أنه أمر بمتاركتهم فإذا جاءت آيات بعد ذلك لدعوتهم وتهديدهم زعموا أنه انتقض كلامه وبدا له ما لم يكن يبدو له من قبل .
وكذلك قوله تعالى ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) مع آيات وصف عذاب المشركين وثواب المؤمنين ) .
وكذلك قوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) مع قوله تعالى ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) .
ومن هذا ما يبدو من . تخالف بادئ الأمر كقوله بعد ذكر خلق الأرض ( ثم استوى إلى السماء ) في سورة فصلت مع قوله تعالى ( والأرض بعد ذلك دحاها ) من سورة النازعات فيحسبونه تناقضا مع الغفلة عن محمل ( بعد ذلك ) من جعل ( بعد ) بمعنى ( مع ) وهو استعمال كثير فهم يتوهمون التناقض مع جهلهم أو تجاهلهم بالوحدات الثمانية المقررة في المنطق .
فالتبديل في قوله تعالى ( بدلنا ) هو التعويض ببدل أي عوض والتعويض لا يقتضي إبطال المعوض " بفتح الواو " بل يقتضي أن يجعل شئ عوضا عن شئ . وقد يبدو للسامع أن مثل لفظ المعوض " بفتح الواو " جعل عوضا عن مثل لفظ العوض " بالكسر " في آيات مختلفة باختلاف الأغراض من تبشير وإنذار أو ترغيب وترهيب أو إجمال وبيان فيجعله الطاعنون اضطرابا لأن مثله قد كان بدل ولا يتاملون في اختلاف الأغراض . وقد تقدم شيء من هذا المعنى عند قوله تعالى ( ائت بقرآن غير هذا أو بدله ) في سورة يونس .
و ( مكان آية ) منصوب على الظرفية المكانية : بأن تأتي آية في الدعوة والخطاب في مكان آية أخرى أتت في مثل تلك الدعوة فالمكان هنا مكان مجازي وهو حالة الكلام والخطاب كما يسمى ذلك مقاما فيقال : هذا مقام الغضب فلا تأت فيه بالمزح . وليس المراد مكانها من ألواح المصحف ولا بإبدالها محوها منه .
وجملة ( والله أعلم بما ينزل ) معترضة بين شرط ( إذا ) وجوابها . والمقصود منها تعليم المسلمين لا الرد على المشركين لأنهم لو علموا أن الله هو المنزل للقرآن لارتفع البهتان . والمعنى : أنه أعلم بما ينزل من آية بدل آية فهو أعلم بمكان الأولى ومكان الثانية ومحمل كلتيهما وكل عنده بمقدار وعلى اعتبار .
وقرأ الجمهور ( بما ينزل ) " بفتح النون وتشديد الزاي " . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " بسكون النون وتخفيف الزاي "