وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالمعنى أن الإيمان مبدأ لتوهين سلطان الشيطان في نفس المؤمن فإذا انظم إليه التوكل على الله اندفع سلطان الشيطان عن المؤمن المتوكل .
A E وجملة ( إنما سلطانه الذين يتولونه ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن مضمون الجملة قبلها يثير سؤال سائل يقول : فسلطانه على من ؟ .
والقصر المستفاد من ( إنما ) قصر إضافي بقرينة المقابلة أي بدون الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فحصل به تأكيد جملة ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا ) لزيادة الاهتمام بتقرير مضمونها فلا يفهم من القصر أنه لا سلطان له على غير هذين الفريقين وهم المؤمنون الذين أهملوا التوكل والذين اتخذوا لبعض وسوسة الشيطان .
ومعنى ( يتولونه ) يتخذونه وليا لهم وهم الملازمون للملل المؤسسة على ما يخالف الهدي الإلهي عن رغبة فيها . ولا شك أن الذين يتولونه فريق غير المشركين لأن العطف يقتضي بظاهره المغايرة وهم أصناف كثيرة من أهل المتاب . وإعادة اسم الموصول في قوله ( والذين هم به مشركون ) لأن ولايتهم للشيطان أقوى .
وعبر بالمضارع للدلالة على تجدد التولي أي الذين يجددون توليه للتنبيه على أنهم كلما تولوه بالميل إلى طاعته تمكن منهم سلطانه وأنه إذا انقطع التولي بالإقلاع أو التوبة انسلخ سلطانه عليهم . وإنما عطف ( وعلى ربهم يتوكلون ) دون إعادة اسم الموصول للإشارة إلى أن الوصفين كصلة واحدة لموصول واحد لأن المقصود اجتماع الصلتين .
والباء في ( به مشركون ) للسببية والضمير المجرور عائد إلى الشيطان أي صاروا مشركين بسبه . وليست هي كالباء في قوله تعالى ( وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) .
وجعلت الصلة جملة اسمية لدلالتها على الدوام والثبات لأن الإشراك صفة مستمرة لأن قرارها القلب ؛ بخلاف المعاصي لأن مظاهرها الجوارح للإشارة إلى أن سلطان الشيطان على المشركين أشد أدوم لأن سببه ثابت ودائم .
وتقديم المجرور في ( به مشركون ) لإفادة الحصر أي ما أشركوا إلا بسببه ردا عليهم إذ يقولون ( لو شاء الله ما أشركنا ) وقولهم ( لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ) وقولهم ( وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ) .
( وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون [ 101 ] ) استمر الكلام على شأن القرآن وتنزيهه عما يوسوسه الشيطان في الصد عن متابعته .
ولما كان من أكبر الأغراض في هذه السورة بيان أن القرآن منزل من عند الله وبيان فضله وهديه فابتدئ فيها بآية ( ينزل الملائكة بالروح من أمره ) ثم قفيت بما اختلفه المشركون من الطعن فيه بعد تنقلات جاء فيها ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) وأتبع ذلك بتنقلات بديعة فأعيد الكلام على القرآن وفضائله من قوله تعالى ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ) ثم قوله ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) . وجاء في عقب ذلك بشاهد يجمع ما جاء به القرآن وذلك آية ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) فلما استقر ما يقتضي تقرر فضل القرآن في النفوس نبه على نفاسته ويمنه بقوله ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) لا جرم تهيأ المقام لإبطال اختلاق آخر من اختلافهم على القرآن اختلافا مموها بالشبهات كاختلاقهم السابق الذي أشير إليه بقوله تعالى ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) . ذلك الاختلاق هو تعمدهم التمويه فيما يأتي من آيات القرآن مخالفا لآيات أخرى لاختلاف المقتضي والمقام . والمغايرة باللين والشدة أو بالتعميم والتخصيص ونحو ذلك مما يتبع اختلافه اختلاف المقامات واختلاف الأغراض واختلاف الأحوال التي يتعلق بها فيتخذون من ظاهر ذلك دون وضعه مواضعه وحمله محامله مغامز يتشدقون بها في نواديهم يجعلون ذلك اضطرابا من القول ويزعمونه شاهدا باقتداء قائله في إحدى المقالتين أو كلتيهما . وبعض ذلك ناشئ عن قصور مداركهم عن إدراك مرامي القرآن وسمو معانيه وبعضه ناشئ عن تعمد للتجاهل تعلقا بظواهر الكلام يلبسون بذلك على ضعفاء الإدراك من أتباعهم ولذلك قال تعالى ( بل أكثرهم لا يعلمون ) أي ومنهم من يعلمون ولكنهم يكابرون