وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون [ 83 ] ) استئناف بياني لأن توليهم عن الإسلام مع وفرة أسباب اتباعه يثير سؤالا في نفس السامع : كيف خفيت عليهم دلائل الإسلام . فيجاب بأنهم عرفوا نعمة الله ولكنهم أ'رضوا عنها إنكارا ومكابرة . ويجوز أن تجعلها حالا من ضمير ( تولوا ) . ويجوز أن تكون بدل اشتمال لجملة ( تولوا ) .
A E وهذه الوجوه كلها تقتضي عدم عطفها على ما قبلها . والمعنى : هم يعلمون نعمة الله المعدودة عليهم فإنهم منتفعون بها ومع تحققهم أنها نعمة من الله ينكرونها أي ينكرون شكرها فإن النعمة تقتضي أن يشكر المنعم عليه بها من أنعم عليه فلما عبدوا ما لا ينعم عليهم فكأنهم أنكروها فقد أطلق فعل ( ينكرون ) بمعنى إنكار حق النعمة فإسناد إنكار النعمة إليهم مجاز لغوي أو هو مجاز عقلي أي ينكرون ملابسها وهو الشكر .
و ( ثم ) للتراخي الرتبي كما هو شأنها في عطف الجمل فهو عطف على جملة ( يعرفون نعمة الله ) وكأنه قيل : وينكرونها لأن ( ثم ) لما كانت للعطف اقتضت التشريك في الحكم ولما كانت للتراخي الرتبي زال عنها معنى المهلة الزمانية الموضوعة هي له فبقي لها معنى التشريك وصارت المهلة مهلة رتبية لأن إنكار نعمة الله أمر غريب .
وإنكار النعمة يستوي فيه جميع المشركين أيمتهم ودهماؤهم ففريق من المشركين وهم أيمة الكفر شانهم التعقل والتأمل فإنهم عرفوا النعمة بإقرارهم بالمنعم وبما سمعوا من دلائل القرآن حتى ترددوا وشكوا في دين الشرك ثم ركبوا رؤوسهم وصمموا على الشرك . ولهذا عبر عن ذلك بالإنكار المقابل للإقرار .
وأما قوله تعالى ( وأكثرهم الكافرون ) فظاهر كلمة ( أكثر ) وكلمة ( الكافرون ) أن الذين وصفوا بأنهم الكافرون هم غالب المشركين لا جميعهم فيحمل المراد بالغالب على دهماء المشركين فإن معظمهم بسطاء العقول بعداء عن النظر فهم لا يشعرون بنعمة الله فإن نعمة الله تقتضي إفراده بالعبادة فكان إشراكهم راسخا بخلاف عقلائهم وأهل النظر فإن لهم ترددا في نفوسهم ولكن يحملهم على الكفر حب السيادة في قومهم . وقد تقدم قوله تعالى فيهم ( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ) في سورة العقود . وهم الذين قال الله تعالى فيهم في الآية الأخرى ( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) .
( ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون [ 84 ] ) الواو عاطفة جملة ( يوم نبعث ) الخ على جملة ( فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين ) بتقدير : واذكر يوم نبعث من كل أمة شهيدا . فالتذكير بذلك اليوم من البلاغ المبين . والمعنى : فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين وسنجازي يوم نبعث من كل أمة شهيدا عليها . ذلك أن وصف شهيد يقتضي أنه شاهد على المؤمنين به وعلى الكافرين أي شهيد لأنه بلغهم رسالة الله .
وبعث شهيد من كل أمة يفيد أن محمدا A شهيد على هؤلاء الكافرين كما سيجيء عقبه قوله تعالى ( وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ) وبذلك انتظم أمر العطف والتخلص إلى وصف يوم الحساب وإلى التنويه بشأنه .
وانتصب ( يوم نبعث ) على المفعول به للفعل المقدر . ولك أن تجعل ( يوم ) منصوبا على الظرفية لعامل محذوف يدل عليه الكلام المذكور يقدر بما يسمح به المعنى مثل : نحاسبهم حسابا لا يستعتبون منه أو وقعوا فيما وقعوا من الخطب العظيم .
والذي دعا إلى هذا الحذف هو أن ما حقه أن يكون عاملا في الظرف وهو ( لا يؤذن للذين كفروا ) قد حول إلى جعله معطوفا على جملة الظرف بحرف ( ثم ) الدال على التراخي الرتبي إذ الأصل : ويوم نبعث من كل أمة شهيدا لا يؤذن للذين كفروا... إلى آخره فبقي الظرف بدون متعلق فلم يكن للسامع بد من تقديره بما تذهب إليه نفسه . وذلك يفيد التهويل والتفظيع وهو من بديع الإيجار .
والشهيد : الشاهد . وقد تقدم نظيره عند قوله تعالى ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) في سورة النساء .
والبعث : إحضاره في الموقف