وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( إن الحكم إلا لله ) في موضع التعليل لمضمون ( وما أغني عنكم من الله من شيء ) . والحكم : هنا بمعنى التصرف والتقدير ومعنى الحصر أنه لا يتم إلا ما أراده الله كما قال تعالى ( إن الله بالغ أمره ) . وليس للعبد أن ينازع مراد الله في نفس الأمر ولكن واجبه أن يتطلب الأمور من أسبابها لأن الله أمر بذلك وقد جمع هذين المعنيين قوله ( وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء ) .
وجملة ( عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ) في موضع البيان لجملة ( وما أغني عنكم من الله من شيء ) ليبين لهم أن وصيته بأخذ الأسباب مع التنبيه على الاعتماد على الله هو معنى التوكل الذي يضل في فهمه كثير من الناس اقتصارا وإنكارا . ولذلك أتى بجملة ( وعليه فليتوكل المتوكلون ) أمرا لهم ولغيرهم على معنى أنه واجب الحاضرين والغائبين وأن مقامه لا يختص بالصديقين بل هو واجب كل مؤمن كامل الإيمان لا يخلط إيمانه بأخطاء الجاهليات .
( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ 68 ] ) جملة معترضة . والواو اعتراضية .
ودلت ( حيث ) على الجهة أي لما دخلوا من الجهات التي أمرهم أبوهم بالدخول منها . فالجملة التي تضاف إليها ( حيث ) هي التي تبين المراد من الجهة .
وقد أغنت جملة ( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) عن جمل كثيرة وهي أنهم ارتحلوا ودخلوا من حيث أمرهم أبوهم ولما دخلوا من حيث أمرهم سلموا مما كان يخافه عليهم . وما كان دخولهم من حيث أمرهم يغني عنهم من الله من شيء لو قدر الله أن يحاط بهم فالكلام إيجاز . ومعنى ( ما كان يغني عنهم من الله من شيء ) أنه ما كان يرد عنهم قضاء الله لولا أن الله قدر سلامتهم .
A E والاستثناء في قوله ( إلا حاجة ) منقطع لأن الحاجة التي في نفس يعقوب " عليه السلام " ليست بعضا من الشيء المنفي إغناؤه عنهم من الله فالتقدير : لكن حاجة في نفس يعقوب " عليه السلام " قضاها .
والقضاء : الإنفاذ ومعنى قضاها أنفذها . يقال : قضى حاجة لنفسه إذا أنفذ ما أضمره في نفسه أي نصيحة لأبنائه أداها لهم ولم يدخرها عنهم ليطمئن قلبه بأنه لم يترك شيئا يظنه نافعا لهم إلا أبلغه إليهم .
والحاجة : الأمر المرغوب فيه . سمي حاجة لأنه محتاج إليه فهي من التسمية باسم المصدر . والحاجة التي في نفس يعقوب " عليه السلام " هي حرصه على تنبيههم للأخطار التي تعرض لأمثالهم في مثل هذه الرحلة إذا دخلوا من باب واحد . وتعليمهم الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله .
وجملة ( وإنه لذو علم لما علمناه ) معترضة بين جملة ( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) الخ وبين جملة ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
وهو ثناء على يعقوب " عليه السلام " بالعلم والتدبير وأن ما أسداه من النصح لهم هو من العلم الذي آتاه الله وهو من علم النبوة .
وقوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) استدراك نشأ عن جملة ( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) الخ . والمعنى أن الله أمر يعقوب " عليه السلام " بأخذ أسباب الاحتياط والنصيحة مع علمه بأن ذلك لا يغني عنهم من الله من شيء قدره لهم فإن مراد الله تعالى خفي عن الناس وقد أمر بسلوك الأسباب المعتادة . وعلم يعقوب " عليه السلام " ذلك ولكن أكثر الناس لا يعلمون تطلب الأمرين فيهملون أحدهما . فمنهم من يهمل معرفة أن الأسباب الظاهرية لا تدفع أمرا قدره الله وعلم أنه واقع ومنهم من يهمل الأسباب وهو لا يعلم أن الله أراد في بعض الأحوال عدم تأثيرها .
وقد دل قوله ( وإنه لذو علم لما علمناه ) بصريحه على أن يعقوب " عليه السلام " عمل بما علمه الله . ودل قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) بتعريضه على أن يعقوب " عليه السلام " من القليل من الناس الذين علموا مراعاة الأمرين ليتقرر الثناء على يعقوب " عليه السلام " باستفادة من الكلام مرتين : مرة بالصراحة ومرة بالاستدراك