وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي قوله ( هو الذي جعل لكم الليل ) طريق من طرق القصر وهو تعريف المسند والمسند إليه . وهو هنا قصر حقيقي وليس إضافيا كما توهمه بعض الكاتبين إذ جعله قصر تعيين وهم معترفون به لا يستطيعون دفع هذا الاستدلال فالمقصود الاستدلال على انفراده تعالى بخصائص الإلهية التي منها الخلق والتقدير وأن آلهتهم انتفت عنها خصائص الالهية وقد حصل مع الاستدلال امتنان على الناس بجعل الليل والنهار على هذا النظام . وهذا الامتنان مستفاد من قوله ( جعل لكم ) ومن تعليل خلق الليل بعلة سكون الناس فيه وخلق النهار بعلة إبصار الناس وكل الناس يعلمون ما في سكون الليل من نعمة وما في إبصارهم بالنهار من نعمة كذلك فان في العمل بالنهار نعما جمة من تحصيل رغبات ومشاهدة محبوبات وتحصيل أموال وأقوات وأن في السكون بالليل نعما جمة من استجمام القوى المنهوكة والإخلاد إلى محادثة الأهل والأولاد على أن في اختلاف الأحوال ما يدفع عن المرء الملال .
وفي إدماج الاستدلال بالامتنان تعريض بأن الذين جعلوا لله شركاء جمعوا وصمتين هما : وصمة مخالفة الحق ووصمة كفران النعمة .
وجملة ( إن في ذلك لآيات ) مستأنفة . والآيات : الدلائل الدالة على وحدانية الله تعالى بالإلهية فان النظام الذي نشأ عنه الليل والنهار مشتمل على دقائق كثيرة من العلم والحكمة والقدرة وإتقان الصنع .
فمن تلك الآيات : خلق الشمس وخلق الأرض وخلق النور في الشمس وخلق الظلمة في الأرض ووصول شعاع الشمس إلى الأرض ودوران الأرض كل يوم بحيث يكون نصف كرتها مواجها للشعاع ونصفها الآخر محجوبا عن الشعاع وخلق الإنسان وجعل نظام مزاجه العصبي متأثرا بالشعاع نشاطا وبالظلمة فتورا وخلق حاسة البصر وجعلها مقترنة بتأثر الضوء ؛ وجعل نظام العمل مرتبطا بحاسة البصر ؛ وخلق نظام المزاج الإنساني مشملا على قوى قابلة للقوة والضعف ثم مدفوعا إلى استعمال قواه بقصد وبغير قصد بسبب نشاطه العصبي ثم فاقدا بالعمل نصيبا من قواه محتاجا إلى الاعتياض بقوى تخلفها بالسكون والفتور الذي يلجئه إلى تطلب الراحة . وأية آيات أعظم من هذه وأية منة على الإنسان أعظم من إيداع لله فيه دواعي تسوقه إلى صلاحه وصلاح نوعه بداع من نفسه .
ووصف ( قوم ) بأنهم ( يسمعون ) إشارة إلى أن تلك الآيات والدلائل تنهض دلالتها للعقول بالتأمل فيها وأن توجه التفكير إلى دلائلها غير محتاج إلا إلى التنبيه عليها ولفته إليها فلما كان سماع تذكير الله بها هو الأصل الأصيل في استخراج دلالتها أو تفريع مدلولاتها على تفاوت الأذهان في الفطنة وترتيب الأدلة جعل آيات دلالتها حاصلة للذين يسمعون .
ويجوز أن يكون المراد يسمعون تفاصيل تلك الدلائل في تضاعيف سور القرآن . وعلى كلا الاحتمالين فالوصف بالسمع تعريض بأن الذين لم يهتدوا بها ولا تفطنوا لدلالتها بمنزلة الصم كقوله تعالى ( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ) .
( قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ) بيان لجملة ( ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض ) إلى آخرها وفي هذا البيان إدماج بحكاية فن من فنون كفرهم مغاير لادعاء شركاء لله لأن هذا كفر خفي من دينهم ولأن الاستدلال على إبطاله مغاير للاستدلال على إبطال الشركاء .
فضمير ( قالوا ) عائد إلى ( الذين يدعون من دون الله شركاء ) أي قال المشركون ( اتخذ الله ولدا ) . وليس المراد من الضمير غيرهم من النصارى لأن السورة مكية والقرآن المكي لم يتصد لإبطال زيغ عقائد أهل الكتاب ذلك أن كثيرا منهم كانوا يزعمون أن لله بنات هم الملائكة وهم بناته من سرورات نساء الجن ولذلك عبدت فرق من العرب الجن قال تعالى ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) .
A E